آداب التجارة

البريد الإلكتروني طباعة

مسألة 46 : يحرم حلق اللحية و أخذ الأجرة عليه على الأحوط لزوما إلا إذا أكره على الحلق أو اضطر إليه لعلاج أو نحوه ، أو خاف الضرر على تقدير تركه ، أو كان تركه حريجاً بالنسبة إليه كما إذا كان يوجب سخرية و مهانة شديدة لا يتحملها ، ففي هذه الموارد لا إشكال في جواز الحلق .

آداب التجارة

مسألة 47 : يستحب للمكلف أن يتعلم أحكام التجارة التي يتعاطاها ، بل يجب عليه ذلك إذا كان في معرض الوقوع في مخالفة تكليف إلزامي بسبب ترك التعلم ، و إذا شك في صحة معاملة و فسادها بسبب الجهل بحكمها لم يجز له ترتيب آثار أي من الصحة و الفساد فلا يجوز له التصرف فيما أخذه من صاحبه و لا فيما دفعه إليه ، بل يتعين عليه أما التعلم أو الاحتياط و لو بالصلح و نحوه ، نعم إذا أحرز رضاه بالتصرف في المال المأخوذ منه حتى على تقدير فساد المعاملة جاز له ذلك . مسألة 48 : يستحب أن يساوي بين المبتاعين في الثمن ، فلا يفرق بين المماكس و غيره بزيادة السعر في الأول أو بنقصه ، أما لو فرق بينهم لمرجحات شرعية كالفقر و العلم و التقوى و نحوها فلا بأس به ، و يستحب أن يقيل النادم و يتشهد الشهادتين عند الجلوس في السوق للتجارة و أن يكبر الله تعالى عند العقد و أن يأخذ الناقص و يعطي الراجح . مسألة 49 : يكره مدح البائع سلعته ، و ذم المشتري لها ، و كتمان العيب إذا لم يؤد إلى غش ، و إلا حرم كما تقدم ، و الحلف في المعاملة إذا


( 21 )

كان صادقا و إلا حرم ، و البيع في المكان المظلم الذي يستتر فيه العيب ، بل كل ما كان كذلك ، و الربح على المؤمن زائدا على مقدار الحاجة ، و على الموعود بالإحسان ، و السوم ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس ، و أن يدخل السوق قبل غيره و المعاملة مع من لم ينشأ في الخير و المحارفين ، و طلب تنقيص الثمن بعد العقد ، و الزيادة وقت النداء لطلب الزيادة أما الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها ، و التعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم يحسنه حذرا من الخطأ ، و الدخول في سوم المؤمن ، بل الأحوط استحباباً تركه . و المراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري ، أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع ، مع رجاء تمامية المعاملة بينهما ، فلو انصرف أحدهما عنها أو علم بعدم تماميتها بينهما فلا كراهة ، و كذا لو كان البيع مبنيا على المزايدة ، و أن يتوكل بعض أهل البلد لمن هو غريب عنها بل الأحوط استحبابا تركه ، و تلقي الركبان الذين يجلبون السلعة وحده إلى ما دون أربعة فراسخ ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة ، و كذا لو اتفق ذلك بلا قصد . و الظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة ، كالصلح و الإجارة و نحوهما . مسألة 50 : الاحتكار و هو حبس السلعة و الامتناع من بيعها ـ حرام إذا كان لانتظار زيادة القيمة مع حاجة المسلمين و من يلحق بهم من سائر النفوس المحترمة إليها ، و ليس منه حبس السلعة في زمان الغلاء إذا أراد استعمالها في حوائجه و حوائج متعلقيه أو لحفظ النفوس المحترمة عند الاضطرار ، و الظاهر اختصاص الحكم بالطعام ، و المراد به هنا القوت الغالب لأهل البلد ، و هذا يختلف باختلاف البلدان ، و يشمل الحكم ما يتوقف عليه تهيئته كالوقود و آلات الطبخ أو ما يعد من مقوماته كالملح و السمن و نحوهما ، و الضابط هو حبس ما يترتب عليه ترك الناس و ليس لهم طعام . و الأحوط استحبابا ترك الاحتكار في مطلق ما يحتاج إليه كالملابس و المساكن


( 22 )

و المراكب و الأدوية و نحوها ، و يجب النهي عن الاحتكار المحرم بالشروط المقررة للنهي عن المنكر ، و ليس للناهي تحديد السعر للمحتكر ، نعم لو كان السعر الذي اختاره مجحفا بالعامة ألزم على الأقل الذي لا يكون مجحفا .


( 23 )

الفصل الأول

شروط العقد

البيع هو : نقل المال إلى الغير بعوض ، و المقصود بالعوض هو المال الذي يجعل بدلا و خلفا عن الآخر ، و الغالب فيه في هذه الأزمنة أن يكون من النقود ، فالبيع متقوم بقصد العوضية و المعوضية ، و باذل المعوض هو البائع و باذل العوض هو المشتري ، و من ذلك يتضح معنى الشراء ، و أما المعاوضة بين المالين من دون قصد العوضية و المعوضية فهي معاملة مستقلة صحيحة و لازمة سواء أ كانا من الأمتعة أم من النقود و لا تترتب عليها الأحكام المختصة بالبيع كخياري المجلس و الحيوان دون ما يشمل مطلق المعاوضات كحرمة الربا . مسألة 51 : يعتبر في البيع الإيجاب و القبول ، و يقع بكل لفظ دال على المقصود ، و إن لم يكن صريحا فيه مثل : بعت و ملكت ، و بادلت و نحوها في الإيجاب ، و مثل : قبلت و رضيت و تملكت و اشتريت و نحوها في القبول ، و لا تشترط فيه العربية ، كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة إذا لم يمنع من ظهوره في المعنى المقصود عند أبناء المحاورة ، و يجوز إنشاء الإيجاب بمثل : اشتريت ، و ابتعت ، و تملكت و إنشاء القبول بمثل : شريت و بعت و ملكت . مسألة 52 : إذا قال : بعني فرسك بهذا الدينار ، فقال المخاطب : بعتك فرسي بهذا الدينار فالأظهر صحته و ترتب الأثر عليه بلا حاجة إلى ضم القبول من الآمر إذا كان المتفاهم منه عرفا إعطاء السلطنة للمخاطب في نقل الدينار إلى نفسه و نقل فرسه إليه ، و الظاهر أن الأمر كذلك ، و مثله ما إذا كان


( 24 )

لشخص واحد حق التصرف في المالين بأن كان ـ مثلا ـ وليا على المالكين أو وكيلا عنهما . مسألة 53 : يعتبر في تحقق العقد الموالاة بين الإيجاب و القبول فلو قال البائع : بعت ، فلم يبادر المشتري إلى القبول حتى انصرف البائع عن البيع لم يتحقق العقد ، و لم يترتب عليه الأثر ، أما إذا لم ينصرف و كان ينتظر القبول ، حتى قبل صح ، كما أنه لا تعتبر وحدة المجلس فلو تعاقدا بالتليفون فأوقع أحدهما الإيجاب و قبل الآخر صح . أما المعاملة بالمكاتبة ففيها إشكال ، و الأظهر الصحة ، إن لم ينصرف البائع عن بيعه حتى قبل المشتري . مسألة 54 : الظاهر اعتبار التطابق بين الإيجاب و القبول في الثمن و المثمن ، و في سائر حدود البيع و العوضين ـ و لو بلحاظ من تضاف إليه الذمة فيما إذا كان أحد العوضين ذميا ـ فلو قال : بعتك هذا الكتاب بدينار بشرط أن تخيط قميصي ، فقال المشتري : اشتريت هذا الدفتر بدينار أو هذا الكتاب بدرهم أو بشرط أن أخيط عباءتك أو بلا شرط شيء أو بشرط أن تخيط ثوبي أو اشتريت نصفه بنصف درهم ، أو قال : بعتك هذا الكتاب بدينار في ذمتك فقال : اشتريته بدينار لي في ذمة زيد لم يصح العقد ، و كذا في نحو ذلك من أنحاء الاختلاف ، و لو قال : بعتك هذا الكتاب بدينار فقال : اشتريت كل نصف منه بنصف دينار ففي الصحة إشكال ، و كذا إذا كان إنشاء أحد الطرفين مشروطا بشيء على نفسه و إنشاء الآخر مطلقا كما إذا قال : بعتك هذا الكتاب بدينار فقال : اشتريته بشرط أن أخيط لك ثوبا ، أو قال : بعتك هذا الكتاب بدينار بشرط أن أخيط ثوبك فقال : قبلت بلا شرط فإنه لا ينعقد مشروطا بلا إشكال و في انعقاده مطلقا و بلا شرط إشكال . مسألة 55 : إذا تعذر اللفظ لخرس و نحوه قامت الإشارة مقامه و إن


( 25 )

تمكن من التوكيل ، و كذا الكتابة مع العجز عن الإشارة . أما مع القدرة عليها ففي تقديم الإشارة أو الكتابة وجهان بل قولان ، و الأظهر الجواز بكل منهما ، بل لا يبعد ذلك حتى مع التمكن من اللفظ . مسألة 56 : الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة ، بأن ينشئ البائع البيع بإعطائه المبيع إلى المشتري ، و ينشئ المشتري القبول بإعطاء الثمن إلى البائع ، و لا فرق في صحتها بين المال الخطير و الحقير ، و قد تحصل بإعطاء البائع المبيع و أخذ المشتري بلا إعطاء منه ، كما لو كان الثمن كليا في الذمة أو بإعطاء المشتري الثمن و أخذ البائع له بلا إعطاء منه ، كما لو كان المثمن كليا في الذمة . مسألة 57 : الظاهر أنه يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في البيع العقدي من شرائط العقد و العوضين و المتعاقدين ، كما أن الظاهر ثبوت جميع الخيارات ـ الآتية إن شاء الله تعالى ـ على نحو ثبوتها في البيع العقدي حتى ما يتوقف منها على اشتراطه على كلام سيأتي في المسألة ( 59 ) . مسألة 58 : الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات بل الإيقاعات إلا في موارد خاصة ، كالنكاح و الطلاق و النذر و اليمين ، و الظاهر جريانها في الرهن و الوقف أيضا . مسألة 59 : في قبول البيع المعاطاتي للشرط سواء أ كان شرط خيار في مدة معينة ، أم شرط فعل ، أم غيرهما : إشكال ، و إن كان القبول لا يخلو من وجه ، فلو أعطى كل منهما ماله إلى الآخر قاصدين البيع ، و قال أحدهما في حال التعاطي : جعلت لي الخيار إلى سنة ـ مثلا ـ و قبل الآخر صح شرط الخيار ، و كان البيع خياريا ، و كذا إذا ذكر الشرط في المقاولة و وقع التعاطي مبنيا عليه .


( 26 )

مسألة 60 : لا يجوز تعليق البيع على أمر غير حاصل حين العقد سواء أ علم حصوله بعد ذلك ، كما إذا قال : بعتك إذا هل الهلال ، أم جهل حصوله ، كما لو قال : بعتك إذا ولد لي ولد ذكر ، و لا على أمر مجهول الحصول حال العقد ، كما إذا قال : بعتك إن كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك ، أما مع علمه به فالوجه الجواز . مسألة 61 : إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد ، فإن علم برضا البائع بالتصرف فيه حتى مع فساد العقد جاز له التصرف فيه و إلا وجب عليه رده إلى البائع ، و إذا تلف ـ و لو من دون تفريط ـ وجب عليه رد مثله إن كان مثليا و قيمته إن كان قيميا ، و كذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد ، و إذا كان المالك مجهولا جرى عليه حكم المال المجهول مالكه ، و لا فرق في جميع ذلك بين العلم بالحكم و الجهل به ، و لو باع أحدهما ما قبضه كان البيع فضوليا و توقفت صحته على إجازة المالك و سيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى .

الفصل الثاني

شروط المتعاقدين

مسألة 62 : يشترط في كل من المتعاقدين أمور: الأول : البلوغ ، فلا يصح عقد الصبي في ماله ، و إن كان مميزا ، إذا لم يكن بإذن الولي بل و إن كان بإذنه إذا كان الصبي مستقلا في التصرف إلا في الأشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها فإن الصحة فيها لا تخلو من وجه و أما إذا كانت المعاملة من الولي ، و كان الصبي وكيلا عنه في إنشاء الصيغة فالأظهر الصحة ، و كذا إذا كان تصرفه في مال غيره بإذن المالك ، و إن لم يكن بإذن الولي . الثاني : العقل ، فلا يصح عقد المجنون ، و إن كان قاصدا إنشاء البيع . الثالث : الاختيار ـ بمعنى الاستقلال في الإرادة ـ فلا يصح بيع المكره و شراؤه ، و هو من يأمره غيره بالبيع أو الشراء على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه بحيث يكون لخوف الضرر من الغير دخل في صدور البيع أو الشراء منه ، و أما لو لم يكن له دخل فيه و إن حصل له الخوف من تركه كما لو لم يكن مباليا بالضرر المحتمل أو المعلوم فلا يضر بالصحة ، و كذا إذا اضطر إلى البيع أو الشراء فإنه يصح و إن اضطره الغير إليه كما لو أمره بدفع مقدار من المال و لم يمكنه إلا ببيع داره فباعها فإنه يصح بيعها ، نعم إذا حصل الاضطرار بمواطأة الغير مع ثالث ، كما لو تواطئا على أن يحبسه أحدهما في مكان ليضطر إلى بيع خاتمه ـ مثلا ـ على الثاني إزاء ما يسد به رمقه فالأظهر فساد المعاملة و ضمانه لما اضطر إلى التصرف فيه بقيمته السوقية .


( 28 )

مسألة 63 : لو رضي المكره بالبيع بعد زوال الإكراه صح و إن كان الأحوط حينئذ تجديد العقد . مسألة 64 : إذا أكره أحد الشخصين على بيع داره ، كما لو قال الظالم : فليبع زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره خوفا منه بطل البيع ، و أما إذا علم إقدام الآخر على البيع و باعها صح البيع . مسألة 65 : لو أكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل ، و لو باع الآخر بعد ذلك صح ، و لو باعهما جميعا دفعة بطل فيهما جميعا إذا كان للإكراه دخل في بيعهما مجتمعين كما في بيع أحدهما منفردا و إلا فالظاهر صحة البيع بالنسبة إلى كليهما . مسألة 66 : لو أكرهه على بيع دابته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة ، و صح بيع الولد إلا إذا كان للإكراه دخل في بيعه معها ، كما لو لم يمكن حفظه مع بيع أمه . مسألة 67 : يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي عنه بغير التورية ، و هل يعتبر فيه عدم إمكان التفصي بالتورية و لو من جهة الغفلة عنها أو الجهل بها أو حصول الاضطراب المانع عن استعمالها أو نحو ذلك ؟ وجهان ، لا يخلو أولهما عن وجه . مسألة 68 : المراد من الضرر الذي يخافه ، على تقدير عدم الإتيان بما أكره عليه ما يعم الضرر الواقع على نفسه و ماله و شأنه ، و على بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره فلو لم يكن كذلك فلا إكراه ، فلو باع ـ حينئذ ـ صح البيع .


( 29 )

البيع الفضولي :

الرابع : من شروط المتعاقدين ـ أن يكون مالكا للتصرف الناقل ، كأن يكون مالكا للشيء من غير أن يكون محجورا عن التصرف فيه لسفه أو فلس أو غيرهما من أسباب الحجر ، أو يكون وكيلا عن المالك أو مأذونا من قبله أو وليا عليه ، فلو لم يكن العاقد مالكا للتصرف لم يصح البيع بل توقفت صحته على إجازة المالك للتصرف ، فإن أجاز صح و إلا بطل ، فصحة العقد الصادر من غير مالك العين تتوقف على إجازة المالك ، و صحة عقد السفيه على إجازة الولي ، و صحة عقد المفلس على إجازة الغرماء ، فإن أجازوا صح و إلا بطل ، و هذا هو المسمى بـ ( عقد الفضولي ) و المشهور أن الإجازة بعد الرد لا أثر لها و لكنه لا يخلو عن إشكال و أما الرد بعد الإجازة فلا أثر له جزما . مسألة 69 : لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي ، فإن أجازه المالك صح ، و لا أثر للمنع السابق في البطلان . مسألة 70 : إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه لم يصح و توقفت صحته على الإجازة . مسألة 71 : إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك ، أو لبنائه على ذلك ، كما في الغاصب ، فأجازه المالك لنفسه صح البيع و يكون الثمن له . مسألة 72 : لا يكفي في تحقق الإجازة الرضا الباطني ، بل لابد في تحققها من قول مثل : رضيت ، و أجزت ، و نحوهما ، أو فعل مثل : أخذ الثمن ، أو بيعه ، أو الأذن في بيعه أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك . مسألة 73 : الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه كشفا انقلابيا بمعنى اعتبار الملكية من حين تحقق العقد في زمن حدوث


( 30 )

الإجازة ، فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك لمالك المبيع و نماء المبيع ملك للمشتري . مسألة 74 : لو باع اعتقاد كونه وليا أو وكيلا فتبين خلافه فإن أجازه المالك صح و إن رد بطل ، و لو باع باعتقاد كونه أجنبيا فتبين كونه وليا أو وكيلا صح ، و لم يحتج إلى الإجازة ، و لو تبين كونه مالكا ففي صحة البيع ـ من دون حاجة إلى إجازته ـ إشكال و الأظهر هو الصحة فيما لو كان البيع لنفسه . مسألة 75 : لو باع مال غيره فضولا ، ثم ملكه قبل إجازة المالك أما باختياره كالشراء أو بغير اختياره كالأرث . ففي صحته ـ بلا حاجة إلى الإجازة ـ أو توقفه على الإجازة أو بطلانه رأسا ـ وجوه أقواها الأخير . مسألة 76 : لو باع مال غيره فضولا فباعه المالك من شخص آخر صح بيع المالك ، و بطل بيع الفضولي و لا تنفع في صحته إجازة المالك و لا المشتري . مسألة 77 : إذا باع الفضولي مال غيره و لم تتحقق الإجازة من المالك ، فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال ، و إن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه ، و إن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع و المشتري ، و إن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري ، أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها ، إن كانت مثلية ، و بقيمتها إن كان قيمية . مسألة 78 : المنافع المستوفاة مضمونة ، و للمالك الرجوع بها على من استوفاها ، و كذا الزيادات العينية ، مثل اللبن و الصوف و الشعر و السرجين و نحوها ، مما كانت له مالية ، فإنها مضمونة على من استولى عليها كالعين ، أما المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال ، و لا يبعد التفصيل فيها بين المنافع المفوتة و الفائتة بثبوت الضمان في الأول دون الثانية و المقصود


( 31 )

بالمنافع المفوتة ما تكون مقدرة الوجود عرفا كسكنى الدار و بالفائتة ما لا تكون كذلك كمنفعة الكتب الشخصية غير المعدة للإيجار . مسألة 79 : المثلي : ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ـ و القيمي : ما لا يكون كذلك ، فالآلات و الظروف و الأقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي ، و الجواهر الأصلية من الياقوت و الزمرد و الألماس و الفيروزج و نحوها من القيمي . مسألة 80 : إذا تفاوتت قيمة القيمي من زمان القبض إلى زمان الأداء بسبب كثرة الرغبات و قلتها فالأظهر أن المدار في القيمة المضمون بها قيمة زمان التلف و إن كان الأحوط الأولى التراضي و التصالح فيما به التفاوت بين قيمة زمان القبض و التلف و الأداء . مسألة 81 : إذا لم يمض المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي أن يرد الثمن المسمى إلى المشتري ، فإذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة فليس للمشتري الرجوع على البائع في مقدار الثمن المسمى . و يرجع في الزائد عليه إذا كان مغرورا و إذا رجع المالك على البائع رجع البائع على المشتري بمقدار الثمن المسمى إذا لم يكن قد قبض الثمن ، و لا يرجع في الزائد عليه إذا كان غارا . و إذا رجع المالك على المشتري ببدل نماء العين من الصوف و اللبن و نحوهما أو بدل المنافع المستوفاة أو غير ذلك ، فإن كان المشتري مغرورا من قبل البائع ، بأن كان جاهلا بأن البائع فضولي ، و كان البائع عالما فأخبره البائع بأنه مالك ، أو ظهر له منه أنه مالك رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك ، و إن لم يكن مغرورا من البائع كما إذا كان عالما بالحال ، أو كان البائع أيضا جاهلا لم يرجع عليه بشيء من الخسارات المذكورة ، و إذا رجع المالك على البائع ببدل النماءات ، فإن كان المشتري مغرورا من قبل


( 32 )

البائع لم يرجع على المشتري ، و إن لم يكن مغرورا من قبل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك و كذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال المالك ، فإنه إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغرورا منه ، و إلا لم يرجع على اللاحق ، و إن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق إلا مع كونه مغرورا منه ، و كذا الحكم في المال غير المملوك لشخص خاص كالزكاة المعزولة ، و مال الوقف المجعول مصرفا في جهة معينة أو غير معينة ، أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه ، مع وجوده ، و كذا مع تلفه على النهج المذكور . مسألة 82 : لو باع إنسان ملكه و ملك غيره صفقة واحدة صح البيع فيما يملك ، و توقفت صحة بيع غيره على إجازة المالك ، فإن أجازه صح ، و إلا فلا ، و حينئذ يكون للمشتري خيار تبعض الصفقة ، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع . مسألة 83 : طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن : أن يقوم كل من المالين بقيمته السوقية ، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين ، فإذا كانت قيمة ماله عشرة و قيمة مال غيره خمسة ، و الثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد و هو ثلث الثمن ، و يبقى للبائع اثنان . و هما ثلثا الثمن ، هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة و نقصها ، أما لو كان الأمر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الآخر ثم تنسب قيمة كل واحد منهما إلى مجموع القيمتين ، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة . مثلا إذا باع الفرس و مهرها بخمسة ، و كانت قيمة الفرس في حال الانفراد ستة ، و في حال الانضمام أربعة ، و قيمة المهر بالعكس فمجموع القيمتين عشرة ، فإن كانت الفرس


( 33 )

لغير البائع رجع المشتري بخمسين ، و هما اثنان من الثمن ، و بقي للبائع ثلاثة أخماس ، و إن كان المهر لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن ، و هو ثلاثة و بقي للبائع اثنان . مسألة 84 : إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السوية فباع أحدهما نصف الدار ، فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه ، أو نصف غيره ، أو نصف في النصفين عمل على القرينة ، و إن لم تقم القرينة على شيء من ذلك حمل على نصف نفسه لا غير . مسألة 85 : يجوز للأب و الجد للأب و إن علا التصرف في مال الصغير بالبيع و الشراء و الإجارة و غيرها ، و كل منهما مستقل في الولاية فلا يعتبر الإذن من الآخر ، كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما ، و لا أن تكون مصلحة في تصرفهما ، بل يكفي عدم المفسدة فيه نعم إذا دار الأمر بين الصالح و الأصلح لزم اختيار الثاني إذا عد اختيار الأول ـ في النظر العقلائي ـ تفريطا من الولي في مصلحة الصغير ، كما لو اضطر إلى بيع مال الصغير ، و أمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل ، فلا يجوز له البيع بقيمة المثل ، و كذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل ، و زيادة درهمين ، لاختلاف الأماكن أو الدلالين ، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقل ، و إن كانت فيه مصلحة إذا عد ذلك تساهلا عرفا في مال الصغير ، و المدار في كون التصرف مشتملا على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء ، لا بالنظر إلى علم الغيب فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبين أنه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرف ، و لو تبين أنه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صح ، إذا كانت فيه مصلحة بنظر العقلاء . مسألة 86 : يجوز للأب و الجد التصرف في نفس الصغير بإجارته لعمل ما أو جعله عاملا في المعامل ، و كذلك في سائر شؤونه مثل تزويجه نعم


( 34 )

ليس لهما طلاق زوجته ، و هل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوغ للفسخ ، و هبة المدة في عقد المتعة وجهان ، و الثبوت أقرب . و يشترط في نفوذ تصرفهما في نفس الصغير خلوه عن المفسدة و تقديم الأصلح عند دوران الأمر بينه و بين الصالح على نحو ما تقدم في تصرفهما في ماله . مسألة 87 : إذا أوصى الأب أو الجد إلى شخص بالولاية بعد موته على القاصرين نفذت الوصية ، و صار الموصى إليه وليا عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته مع الغبطة و المصلحة في جميع ما يتعلق بهم مما كان للموصي الولاية فيه ـ على كلام في تزويجهم يأتي في محله ـ إلا أن يعين تولي جهة خاصة و تصرفا مخصوصا فيقتصر عليه ، و يشترط في الوصي الرشد و الوثاقة ، و لا تشترط فيه العدالة على الأقوى . كما يشترط في صحة الوصية فقد الآخر ، فلا تصح وصية الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجد ، و لا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب ، و لو أوصى أحدهما بالولاية على الطفل ، بعد فقد الآخر لا في حال وجوده ، ففي صحتها إشكال . مسألة 88 : ليس لغير الأب و الجد للأب و الوصي لأحدهما ولاية على الصغير ، و لو كان عماً أو أماً أو جداً للأم أو أخاً كبيراً ، فلو تصرف أحد هؤلاء في مال الصغير ، أو في نفسه ، أو سائر شؤونه لم يصح ، و توقف على إجازة الولي . مسألة 89 : إذا فقد الأب و الجد و الوصي لأحدهما يكون للحاكم الشرعي ـ و هو المجتهد العادل ـ ولاية التصرف في أموال الصغار مشروطا بالغبطة و الصلاح ، بل الأحوط له الاقتصار على ما إذا كان في تركه الضرر و الفساد ، كما لو خيف على ماله التلف مثلا فيبيعه لئلا يتلف ، و مع فقد الحاكم أو تعذر الرجوع إليه فالولاية لعدول المؤمنين مشروطاً بما تقدم ، و لو تعذر وجود العادل لم يبعد ثبوت الولاية لسائر المؤمنين . و لو اتفق احتياج


( 35 )

المكلف إلى دخول دار الأيتام و الجلوس على فراشهم ، و الأكل من طعامهم ، و تعذر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك ، إذا عوضهم عن ذلك بالقيمة ، و لم يكن فيه ضرر عليهم و إن كان الأحوط استحباباً تركه ، و إذا كان التصرف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض . و الله سبحانه العالم .


( 36 )

الفصل الثالث

شروط العوضين

يشترط في المبيع أن يكون عينا ، سواء أ كان موجودا في الخارج أم في الذمة ، و سواء أكانت الذمة ذمة البائع أم غيره ، كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه لشخص ثالث ، فلا يجوز بيع المنفعة ، كمنفعة الدار ، و لا بيع العمل كخياطة الثوب و لا بيع الحق كحق التحجير ـ على إشكال فيه أحوطه ذلك ـ ، و أما الثمن فيجوز أن يكون عينا أو منفعة أو عملا أو حقا كما سيأتي .