مسألة 986 : إذا امتنع الدائن عن أخذ الدين عند حلوله أجبره الحاكم عليه لو طلب منه المديون ذلك ، و لو تعذر إجباره فله أن يسلمه إلى الحاكم و قد فرغت ذمته ، و هل يجب على الحاكم القبول ؟ فيه إشكال ، و لو لم يمكن الوصول إلى الحاكم أو لم يقبله بقي الدين في ذمته إلى أن يأخذه الدائن أو من يقوم مقامه ، و لو كان الدائن غائباً و لا يمكن إيصال المال إليه و أراد المديون تفريغ ذمته جرى عليه ما تقدم . مسألة 987 : يجوز التبرع بأداء دين الغير سواء أ كان حياً أم كان ميتاً و تبرأ ذمته به ، و لا فرق في ذلك بين أن يكون التبرع به بإذن المدين أو بدونه بل و إن منعه المدين عن ذلك ، و في وجوب القبول على من له الدين و جريان الأحكام المتقدمة عليه لو امتنع عنه إشكال بل منع . مسألة 988 : لا يتعين الدين في ما عينه المدين و إنما يتعين بقبض الدائن أو من يقوم مقامه ، فلو تلف قبل قبضه فهو من مال المدين و تبقى ذمته مشغولة به . مسألة 989 : إذا مات المدين حل الأجل و يخرج الدين من أصل ماله ، و إذا مات الدائن بقي الأجل على حاله و ليس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل ، و على هذا فلو كان صداق المرأة مؤجلاً و مات الزوج قبل حلوله استحقت الزوجة مطالبته بعد موته ، و هذا بخلاف ما إذا ماتت الزوجة فإنه ليس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل ، و يلحق بموت الزوج طلاقه إذا كان اشتراط التأجيل في أداء الصداق منصرفاً إلى جواز التأخير مع بقاء الزوجية كما لعله الغالب .
( 313 )
مسألة 990 : إذا فقد المدين دائنه و يئس من الوصول إليه أو إلى ورثته في المستقبل لزمه أن يؤديه إلى الفقير صدقة عنه ، و الأحوط أن يستجيز في ذلك الحاكم الشرعي ، و إن لم يكن الدائن هاشمياً فالأولى أن يؤدي المديون دينه إلى غير الهاشمي ، و أما إذا احتمل الوصول إليه أو إلى ورثته و لم يفقد الأمل في ذلك لزمه الانتظار و الفحص عنه فإن لم يجده أوصى به عند الوفاة حتى يجيء له طالبه ، و إذا كان الدائن مفقوداً عن أهله وجب تسليم دينه إلى ورثته مع انقطاع خبره بعد مضي عشر سنين من غيبته ، بل يجوز ذلك بعد مضي أربع سنين إذا فحص عنه في هذه المدة . مسألة 991 : يصح بيع الدين بمال خارجي و إن كان أقل منه ما لم يستلزم الربا و لا يصح بيعه بدين مثله إذا كانا دينين قبل العقد ، و لا فرق في المنع بين كونهما حين العقد حالين و مؤجلين و مختلفين ، و لو كانا دينين بالعقد بطل في المؤجلين و صح في غيرهما ، و لو كان أحدهما ديناً قبل العقد و الآخر ديناً بالعقد فإن كان الثاني مؤجلاً بطل و إلا بأن كان كلياً في الذمة من دون تأجيل في دفعه صح إلا في بيع المسلم فيه قبل حلوله فإنه لا يجوز بيعه من غير بائعه مطلقاً ، و يجوز بيعه من غير بائعه بعد حلوله و من بائعه مطلقاً على تفصيل تقدم . مسألة 992 : يجوز تعجيل الدين المؤجل بنقصان مع التراضي ، و هو الذي يسمى بـ ( تنزيل الدين ) ، و لا يجوز تأجيل الحال و لا زيادة أجل المؤجل بزيادة لأنه ربا ، و قد يتخلص منه بجعل الزيادة المطلوبة في ثمن مبيع مثلاً و يجعل التأجيل و التأخير إلى أجل معين شرطاً على البائع ، بأن يبيع الدائن من المدين مثلاً ما يساوي عشرة دنانير بخمسة عشر ديناراً على أن لا يطالب المشتري بالدين الذي عليه إلى وقت كذا ، و لكنه لا يخلو عن الإشكال و الأحوط لزوماً الاجتناب عنه ، و مثله ما إذا باع المديون من الدائن
( 314 )
ما يكون قيمته خمسة عشر ديناراً بعشرة دنانير شارطاً عليه تأخير الدين إلى وقت كذا . مسألة 993 : لا تجوز قسمة الدين ، فإذا كان لاثنين دين مشترك على ذمم أشخاص متعددة ، كما إذا افترضنا إنهما باعا مالاً مشتركاً بينهما من أشخاص عديدة أو ورثا من مورثهما دينا على أشخاص ثم قسما الدين بينهما بعد التعديل ، فجعلا ما في ذمة بعضهم لأحدهما و ما في ذمة الباقي للآخر لم يصح ، و يبقى الدين على الاشتراك السابق بينهما ، و لو كان لهما دين مشترك على واحد ففي جواز أن يستوفي أحدهما حصته منه فيتعين له و تبقى حصة الآخر في ذمة المدين إشكال كما مر في كتاب الشركة . مسألة 994 : يجب على المدين أداء الدين الحال فوراً عند مطالبة الدائن إن قدر عليه و لو ببيع سلعته و متاعه أو عقاره أو مطالبة غريمه أو استقراضه إذا لم يكن حرجياً عليه أو إجارة أملاكه ، و أما إذا لم يقدر عليه بذلك فهل يجب عليه التكسب اللائق بحاله و الأداء منه ؟ الأحوط ذلك خصوصاً فيما لا يحتاج إلى تكلف و فيمن شغله التكسب بل وجوبه حينئذٍ لا يخلو من قوة ، نعم يستثنى من ذلك بيع دار سكناه و ثيابه المحتاج إليها و لو للتجمل و سيارته و نحو ذلك مما يحتاج إليه و لو بحسب حاله و شؤونه ، و الضابط هو كل ما احتاج إليه بحسب حاله و شرفه و كان بحيث لولاه لوقع في عسر و شدة أو حزازة و منقصة . مسألة 995 : لا فرق في استثناء هذه الأشياء بين الواحد و المتعددة ، فلو كانت عنده دور متعددة و احتاج إلى كل منها لسكناه و لو بحسب حاله و شرفه لم يبع شيئا منها ، و كذلك الحال في السيارة و نحوها ، نعم إذا لم يحتج إلى بعضها أو كانت داره أزيد مما يحتاج إليه وجب عليه بيع الزائد أو بيعها و اشتراء ما هو أدون مما يليق بحاله .
( 315 )
مسألة 996 : إذا كانت له دار مملوكة و كانت بيده دار أخرى يمكنه السكنى فيها ـ كما إذا كانت موقوفة تنطبق عليه ـ و لم يكن في ذلك حرج عليه و لا في معرض قصر يده عنها وجب عليه أن يبيع داره المملوكة لأداء دينه . مسألة 997 : إنما لا تباع دار السكنى في أداء الدين ما دام المديون حيا ، فلو مات و لم يترك غير دار سكناه تباع و تصرف في الدين . مسألة 998 : المقصود من كون الدار و نحوها من مستثنيات الدين أنه لا يجبر على بيعها لأدائه و لا يجب عليه ذلك ، و أما لو رضي هو بذلك و قضى به دينه جاز للدائن أخذه و إن كان ينبغي له أن لا يرضى ببيع داره . مسألة 999 : لو كانت عنده بضاعة أو عقار زائدة على مستثنيات الدين و لكنها لا تباع إلا بأقل من قيمتها السوقية وجب عليه بيعها بالأقل لأداء دينه ، نعم إذا كان التفاوت بين القيمتين بمقدار فاحش لا يقبل به العقلاء إلا في حال الضرورة لم يجب . مسألة 1000 : كما لا يجب على المدين المعسر الأداء يحرم على الدائن إعساره بالمطالبة و الاقتضاء ، بل عليه الصبر و النظرة إلى الميسرة . مسألة 1001 : مماطلة الدائن مع القدرة على الأداء حرام ، بل يجب نية القضاء مع عدم القدرة عليه أيضا بأن يكون من قصده الأداء عند التمكن منه .
أحكام القرض
وهو تمليك مال لآخر بالضمان في الذمة بمثله إن كان مثليا و بقيمته إن كان قيمياً ، و يقال للمتملّك [ المقرض وللمملّك (المقترض) و(المستقرض). مسألة 1002 : يكره الاقتراض مع عدم الحاجة و تخف كراهته مع
( 316 )
الحاجة و كلما خفت الحاجة اشتدت الكراهة ، و كلما اشتدت خفت إلى أن تزول ، و الأحوط لمن لم يكن عنده ما يوفي به دينه و لم يترقب حصوله عدم الاستدانة إلا عند الضرورة أو مع علم المستدان بحاله . مسألة 1003 : إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة سيما لذوي الحاجة لما فيه من قضاء حاجته و كشف كربته ، و عن النبي صلى الله عليه و آله : من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة و كان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه ، و عن الصادق عليه السلام : أيما مؤمن نفس عن مؤمن كربة و هو معسر يسر الله له حوائجه في الدنيا و الآخرة ، و عنه عليه السلام أنه قال : و الله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه ، و عنه عليه السلام : ما من مؤمن أقرض مؤمناً يلتمس به وجه الله إلا حسب الله له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه . مسألة 1004 : حيث أن القرض عقد من العقود يحتاج إلى إيجاب كقوله : ( أقرضتك ) و ما يؤدي معناه ، و قبول دال على الرضا بالإيجاب ، و لا يعتبر في عقده العربية بل يقع بكل لغة ، بل الظاهر عدم اعتبار الصيغة فيه فلو دفع مالاً إلى أحد بقصد القرض و أخذه المدفوع بهذا القصد صح قرضاً . مسألة 1005 : يعتبر في المقرض و المقترض ما يعتبر في المتعاقدين في سائر المعاملات و العقود من البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و الرشد و كذا عدم الحجر لفلس في المقرض . مسألة 1006 : يعتبر في القرض أن يكون المال عيناً ، فلو كان ديناً أو منفعة لم يصح القرض ، نعم يصح إقراض الكلي في المعين كإقراض درهم من درهمين معينين ، و لا يصح إقراض المبهم كأحد هذين المالين . مسألة 1007 : يعتبر في القرض أن يكون المال مما يصح تملكه ، فلا يصح إقراض الخمر و الخنزير ، و لا يعتبر فيه تعيين مقداره و أوصافه
( 317 )
وخصوصياته التي تختلف المالية باختلافها إذا كان مثلياً و لا قيمته إذا كان قيمياً ، نعم على المقترض تحصيل العلم بذلك مقدمة لأدائه ، و هذا أجنبي عن اعتباره في صحة القرض . مسألة 1008 : يعتبر في القرض القبض ، فلا يملك المستقرض المال المقترض إلا بعد قبضه ، و لا يتوقف على التصرف . مسألة 1009 : القرض عقد لازم ليس للمقرض و لا المقترض فسخه حتى ترجع العين المقترضة إلى المقرض لو كانت موجودة ، نعم للمقرض فيما إذا لم يكن القرض مؤجلاً لمصلحة المقترض عدم إنظاره و مطالبته بالأداء و لو قبل قضاء وطره بل و لو قبل مضي زمان يمكن فيه ذلك ، كما أن للمقترض فيما إذا لم يكن القرض مؤجلاً لمصلحة المقرض أن يؤديه إليه و ليس له حق الامتناع من قبوله . مسألة 1010 : لو كان المال المقترض مثلياً كالحنطة و الشعير و الذهب و الفضة و نحوها ثبت في ذمة المقترض مثل ما اقترض ، و لو كان قيمياً كالغنم و نحوها ثبت في ذمته قيمته وقت التسليم إلى المقترض . مسألة 1011 : يحرم اشتراط الزيادة على المقترض بأن يقرضه مالاً على أن يؤديه بأزيد مما اقترضه ، سواء اشترطاه صريحاً أو أضمراه بحيث وقع القرض مبنيا عليه ـ و تستثنى من ذلك موارد تقدمت في المسألة 232 ـ ، و هذا هو الربا القرضي المحرم الذي وعدنا ذكره في كتاب البيع ، و حرمته تعم المعطي و الآخذ . مسألة 1012 : الظاهر أن القرض لا يبطل باشتراط الزيادة ، بل يبطل الشرط فقط ، فيملك المقترض ما يأخذه قرضاً و لا يملك المقرض ما يأخذه من الزيادة ، فلو أخذ الحنطة مثلاً بالقرض الربوي فزرعها جاز له التصرف في حاصله ، و كذا الحال فيما إذا أخذ مالاً بالقرض الربوي ثم اشترى بعينه
( 318 )
شيئاً كالثوب ، و أما لو اشترى المقرض شيئاً بعين الزيادة التي أخذها في القرض لم يملكه و لم يجز له التصرف فيه ، نعم إذا كان المعطي راضياً بتصرفه فيما أخذه من الزيادة حتى لو فرض أنه لم يكن بينهما معاملة ربوية جاز له التصرف فيه . مسألة 1013 : لا فرق في حرمة اشتراط الزيادة بين أن تكون الزيادة عينية كما إذا أقرضه عشرة دراهم على أن يؤدي اثني عشر ، أو عملاً كخياطة ثوب له ، أو منفعة أو انتفاعا كالانتفاع بالعين المرهونة عنده ، أو صفة مثل أن يقرضه دراهم فضية مكسورة على أن يؤديها صحيحة ، كما لا فرق فيها بين أن تكون الزيادة راجعة إلى المقرض أو غيره ، فلو قال : أقرضتك ديناراً بشرط أن تهب زيداً أو تصرف في المسجد أو المأتم درهماً لم يجز ، و كذا إذا اشترط عليه أن يعمر المسجد أم يقيم المأتم أو نحو ذلك مما لوحظ فيه المال فإنه حرام . و أما اشتراط ما لم يلحظ فيه المال أو ما هو واجب على المقترض فلا بأس به مثل أن يقول : أقرضتك بشرط أن تدعو لي أو تدعو لزيد أو تصلي أو تصوم لنفسك ، أو بشرط أن تؤدي زكاتك أو دينك مما كان مالاً لازم الأداء ، فهذا كله جاز لأن المدار في المنع ما لوحظ فيه المال و لم يكن ثابتاً بغير القرض . مسألة 1014 : إذا أقرضه شيئاً و شرط عليه أن يبيع منه شيئاً بأقل من قيمته أو يؤاجره بأقل من أجرته كان داخلاً في شرط الزيادة فيحرم ، و قد يتخلص منه بأن يبيع المقترض من المقرض مالاً بأقل من قيمته أو يشتري منه شيئاً بأكثر من قيمته و يشترط عليه أن يقرضه مبلغاً معيناً ، و لكن هذا محل إشكال فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عنه . مسألة 1015 : إنما تحرم الزيادة مع الشرط ، و أما بدونه فلا بأس به ، بل يستحب ذلك للمقترض ، حيث أنه من حسن القضاء و خير الناس
( 319 )
أحسنهم قضاءً ، بل يجوز ذلك إعطاءاً و أخذاً لو كان الإعطاء لأجل أن يراه المقرض حسن القضاء فيقرضه كلما احتاج إلى الاقتراض ، أو كان الإقراض لأجل أن ينتفع من المقترض لكونه حسن القضاء و يكافئ من أحسن إليه بأحسن الجزاء بحيث لولا ذلك لم يقرضه ، نعم يكره أخذه للمقرض خصوصاً إذا كان إقراضه لأجل ذلك ، بل يستحب له أنه إذا أعطاه المقترض شيئاً بعنوان الهدية و نحوها يحسبه عوض طلبه بمعنى أنه يسقط منه بمقداره . مسألة 1016 : إنما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض ، و أما إذا شرطها للمقترض فلا بأس به ، كما إذا أقرضه عشرة دنانير على أن يؤدي تسعة دنانير ، كما لا بأس أن يشترط المقترض على المقرض شيئاً له . مسألة 1017 : يجوز دفع النقد قرضا إلى تاجر في بلد ليحوله إلى صاحبه في بلد آخر بأقل مما دفعه . مسألة 1018 : لا يجوز دفع مال إلى أحد في بلد لأخذ أزيد منه في بلد آخر إذا كان المدفوع مما يباع بالكيل أو الوزن كالحنطة و الذهب و الفضة لأنه من الربا ، و لو أعطى الدافع متاعاً أو قام بعمل بأزاء الزيادة جاز ، و لا يجوز أخذ الزيادة في المعدود ـ كالأوراق النقدية ـ قرضاً ، و يجوز ذلك بيعاً إلا في البيع نسيئة مع الاتحاد في الجنس فإن جوازه محل إشكال كما مر في محله . مسألة 1019 : المال المقترض إن كان مثلياً كالدراهم و الدنانير و الحنطة و الشعير كان وفاؤه و أداؤه بإعطاء ما يماثله في الصفات من جنسه سواء أ بقي على سعره الذي كان له وقت الاقتراض أم ترقى أم تنزل . و هذا هو الوفاء الذي لا يتوقف على التراضي ، فللمقرض أن يطالب المقترض به و ليس له الامتناع و لو ترقى سعره عما أخذه بكثير ، كما إن المقترض لو أعطاه للمقرض ليس له الامتناع و لو تنزل بكثير .
( 320 )
و يمكن أن يؤدى بالقيمة أو بغير جنسه بأن يعطي بدل الدراهم دنانير مثلاً أو بالعكس ، و لكن هذا النحو من الأداء يتوقف على التراضي ، فلو أعطى بدل الدراهم دنانير فللمقرض الامتناع من أخذها و لو تساويا في القيمة ، بل و لو كانت الدنانير أغلى ، كما أنه لو أراده المقرض كان للمقترض الامتناع و إن تساويا في القيمة أو كانت الدنانير أقل قيمة . هذا إذا كان المال المقترض مثلياً و أما إذا كان قيمياً فقد مر أنه تشتغل ذمة المقترض بالقيمة ، و إنما تكون بالنقود الرائجة ، فأداؤه الذي لا يتوقف على التراضي يكون بإعطائها ، و يمكن أن يؤدى بجنس آخر من غير النقود بالقيمة لكنه يتوقف على التراضي . و لو كانت العين المقترضة موجودة فأراد المقرض أداء الدين بإعطائها أو أراد المقترض ذلك فالظاهر جواز امتناع الآخر . مسألة 1020 : يجوز في قرض المثلي أن يشترط المقرض على المقترض أن يؤديه من غير جنسه ، بأن يؤدي عوض الدراهم مثلا دنانير و بالعكس ، و يلزم عليه ذلك بشرط أن يكونا متساويين في القيمة أو كان ما شرط عليه أقل قيمة مما اقترضه . مسألة 1021 : لو شرط التأجيل في القرض صح و لزم العمل به و كان كسائر الديون المؤجلة و قد مر حكمها في المسألة ( 985 ) . مسألة 1022 : لو اشترط في القرض أداؤه في مكان معين صح و لزم العمل به ، فلو طالب المقرض به في غير ذلك المكان لم يلزم على المقترض القبول ، كما أنه لو أداه المقرض في غيره لم يلزم على المقرض القبول ، هذا إذا كان الشرط حقاً لهما معاً ، أو لأحدهما و لم يسقطه و أما إذا أسقطه كان كأن لم يشترط ، و سيأتي حكمه . مسألة 1023 : في حكم الاشتراط وجود قرينة حالية أو مقالية على
( 321 )
تعيين مكان التسليم كبلد القرض أو غيره ، و مع فقدها فإن وجدت قرينة صارفة عن بعض الأمكنة بالخصوص ـ و لو كانت هي لزوم الضرر و الاحتياج إلى المؤنة في الحمل إليه ـ كان ذلك في حكم تعيين غيره و لو إجمالاً ، و حينئذٍ فالأحوط لهما التراضي و إن كان الأظهر وجوب الأداء على المقترض لو طالبه المقرض في أي مكان غيره و وجوب القبول على المقرض لو أداه المقترض في أي مكان كذلك . مسألة 1024 : يجوز أن يشترط في القرض إعطاء الرهن أو الضامن أو الكفيل ، و كل شرط سائغ لا يكون فيه النفع المالي للمقرض و لو كان مصلحة له . مسألة 1025 : إذا اقترض دنانير ذهبية مثلاً ثم أسقطتها الحكومة عن الاعتبار و جاءت بنقد آخر غيرها كانت عليه الدنانير الأولى ، و لو اقترض شيئاً من الأوراق النقدية المسماة بـ ( إسكناس ) ثم أسقط عن الاعتبار لم تفرغ ذمة المقترض بأدائه بل عليه قيمته قبل زمن الإسقاط . مسألة 1026 : إذا أخذ الربا في القرض و كان جاهلاً ـ سواء أ كان جهله بالحكم أم بالموضوع ـ ثم علم بالحال فإن تاب حل له ما أخذه حال الجهل و عليه أن يتركه فيما بعد ، و لا فرق في ذلك بين كون الطرف الآخر عالماً بالحال و جاهلاً به . مسألة 1027 : إذا ورث مالاً فيه الربا ، فإن كان مخلوطاً بالمال الحلال فليس عليه شيء ، و إن كان معلوماً و معروفاً وعرف صاحبه رده إليه و إن لم يعرف عامله معاملة المال المجهول مالكه .
( 322 )
( 323 )
كتاب الرهن
( 324 )
( 325 )
الرهن هو : ( جعل وثيقة للتأمين على دين أو عين مضمونة ) . مسألة 1028 : الرهن عقد مركب من إيجاب من الراهن و قبول من المرتهن ، و لا يعتبر فيهما اللفظ بل يتحققان بالفعل أيضاً ، فلو دفع المديون مالاً للدائن بقصد الرهن و أخذه الدائن بهذا القصد كفى . مسألة 1029 : يعتبر في الراهن و المرتهن البلوغ و العقل و القصد و الاختيار و عدم كون الراهن سفيهاً و لا محجوراً عليه لفلس إلا إذا لم تكن العين المرهونة ملكاً له أو لم تكن من أمواله التي حجر عليها . مسألة 1030 : يجوز لولي الطفل و المجنون رهن مالهما و الارتهان لهما مع المصلحة و الغبطة . مسألة 1031 : لا يعتبر في صحة الرهن القبض على الأظهر و إن كان هو الأحوط ، نعم مقتضى إطلاقه كون العين المرهونة بيد المرتهن إلا أن يشترط في كونها بيد ثالث أو بيد الراهن ما لم يناف التأمين المقوم له . مسألة 1032 : يعتبر في المرهون أن يكون عيناً خارجية مملوكة يجوز بيعها و شراؤها فلا يصح رهن الدين قبل قبضه و لا المنفعة و لا الحر و لا الخمر و الخنزير و لا الأرض الخراجية و لا الطير المملوك في الهواء إذا كان غير معتاد العود و لا الوقف و لو كان خاصاً إلا مع وجود أحد مسوغات بيعه . مسألة 1033 : يعتبر في العين المرهونة جواز تصرف الراهن فيها و لو بالرهن فقط ، فإذا رهن مملوك الغير فصحته موقوفة على إجازة المالك ، و لو ضمه إلى مملوكه فرهنهما لزم الرهن في ملكه و توقف في الضميمة على إجازة مالكها .
( 326 )
مسألة 1034 : لو كان له غرس أو بناء في الأرض الخراجية صح رهن ما فيها مستقلاً ، و أما رهن أرضها و لو بعنوان التبعية ففي صحته إشكال بل منع . مسألة 1035 : لا يعتبر أن يكون الرهن ملكاً لمن عليه الدين ، فيجوز لشخص أن يرهن ماله على دين شخص آخر تبرعاً و لو من غير إذنه ، بل و لو مع نهيه ، و كذا يجوز للمديون أن يستعير شيئاً ليرهنه على دينه على ما تقدم في كتاب العارية ، و لو عين له المعير أن يرهنه على حق مخصوص من حيث القدر أو الحلول أو الأجل أو عند شخص معين لم يجز له مخالفته ، و لو أذن له في الرهن مطلقاً جاز له الجميع و تخير . مسألة 1036 : لو كان الرهن على الدين المؤجل و كان مما يسرع إليه الفساد قبل الأجل من دون أن يمكن دفعه عنه كتجفيف الثمر فإن شرط بيعه قبل أن يطرأ عليه الفساد و جعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين صح الرهن و يبيعه الراهن أو يوكل المرتهن في بيعه ، و إن امتنع أجبره الحاكم فإن تعذر باعه الحاكم أو وكيله و مع فقده باعه المرتهن فإذا بيع جعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين ، و أما لو شرط عدم البيع إلا بعد الأجل بطل الرهن و كذا لو أطلق و لم يشترط البيع و لا عدمه على الأقرب . و لو رهن ما لا يتسارع إليه الفساد فعرض ما صيره عرضة للفساد كالحنطة تبتل و لم يمكن دفع الفساد عنه فالظاهر انفساخ الرهن أيضاً . مسألة 1037 : يعتبر في المرهون كونه معيناً ، فلا يصح رهن المبهم كأحد هذين ، نعم يصح رهن الكلي في المعين كصاع من صبرة و شاة من هذا القطيع ، كما أن الظاهر صحة رهن المجهول حتى من حيث الجنس و النوع إذا كان معلوماً من حيث القيمة و المالية بحد يتحقق معه التأمين المقوم للرهن . مسألة 1038 : يشترط فيما يرهن عليه أن يكون دينا ثابتا في الذمة
( 327 )
لتحقق موجبه من اقتراض أو إسلاف مال أو شراء نسيئة أو استئجار عين بالذمة و غير ذلك حالاً كان الدين أو مؤجلاً ، فلا يصح الرهن على ما يقترض أو على ثمن ما يشتريه فيما بعد ، فلو رهن شيئاً على ما يقترض ثم اقترض لم يصر بذلك رهناً ، و لا على الدية قبل استقرارها بتحقق الموت و إن علم أن الجناية تؤدي إليه ، و لا على مال الجعالة قبل تمام العمل . مسألة 1039 : كما يصح في الإجارة أن يأخذ المؤجر الرهن على الأجرة التي في ذمة المستأجر ، كذلك يصح أن يأخذ المستأجر الرهن على العمل الثابت في ذمة الأجير . مسألة 1040 : يصح الرهن على الأعيان المضمونة كالمغصوبة و العارية المضمونة و نحوهما ، و أما عهدة الثمن أو المبيع أو الأجرة أو عوض الصلح و غيرها لو خرجت مستحقة للغير ففي صحة الرهن عليها إشكال . مسألة 1041 : لو اشترى شيئاً بثمن في الذمة جاز جعل المبيع رهناً على الثمن . مسألة 1042 : لو رهن على دينه رهناً ثم استدان مالاً آخر من المرتهن جاز جعل ذلك الرهن رهناً على الثاني أيضاً ، و كان رهناً عليهما معاً ، سواء كان الثاني مساوياً للأول في الجنس و القدر أو مخالفاً ، و كذا له أن يجعله على دين ثالث و رابع إلى ما شاء ، و كذا إذا رهن شيئاً على دين جاز أن يرهن شيئاً آخر على ذلك الدين و كانا جميعاً رهناً عليه . مسألة 1043 : لو رهن شيئاً عند زيد ثم رهنه عند آخر أيضاً باتفاق من المرتهنين كان رهناً على الحقين إلا إذا قصدا بذلك فسخ الرهن الأول و كونه رهناً على خصوص الدين الثاني . مسألة 1044 : لو استدان اثنان من واحد كل منهما ديناً ثم رهنا عنده مالاً مشتركا بينهما و لو بعقد واحد ثم قضى أحدهما دينه انفكت حصته عن
( 328 )
الرهانة و صارت طلقاً ، و لو كان الراهن واحداً و المرتهن متعدداً ـ بأن كان عليه دين لاثنين فرهن شيئاً عندهما بعقد واحد ـ فكل منهما مرتهن للنصف مع تساوي الدين ، و مع التفاوت فالظاهر التقسيط و التوزيع بنسبة حقهما ، فإن قضى دين أحدهما انفك عن الرهانة ما يقابل حقه . هذا كله في التعدد ابتداءً ، و أما التعدد الطارئ فالظاهر أنه لا عبرة به ، فلو مات الراهن عن ولدين لم ينفك نصيب أحدهما بأداء حصته من الدين ، كما أنه لو مات المرتهن عن ولدين فأعطي أحدهما نصيبه من الدين لم ينفك بمقداره من الرهن . مسألة 1045 : توابع العين المرهونة كالحمل و الصوف و الشعر و الوبر و اللبن في الحيوان ، و الثمرة و الأوراق و الأغصان اليابسة في الشجر لا تكون رهناً بتبع الأصل إلا إذا اشترط ذلك صريحاً أو كانت قرينة عليه من تعارف أو غيره ، بلا فرق في ذلك بين الموجود منها حين العقد و المتجدد منها بعده . مسألة 1046 : الرهن لازم من جهة الراهن جائز من طرف المرتهن فليس للراهن انتزاعه بدون رضاه إلا أن يسقط حقه من الارتهان أو ينفك الرهن بفراغ ذمة الراهن من الدين بالأداء أو غير ذلك ، و لو برئت ذمته من بعض الدين فالظاهر بقاء الجميع رهناً على ما بقي ، إلا إذا اشترطا التوزيع فينفك منه على مقدار ما برأ منه و يبقى رهناً على مقدار ما بقي ، أو شرطا كونه رهناً على المجموع من حيث المجموع فينفك الجميع بالبراءة عن بعض الدين . مسألة 1047 : يجوز لمالك العين المرهونة سواء أ كان هو الراهن أم غيره أن يتصرف فيها بما لا ينافي حق الرهانة بأن لا يكون متلفاً لها أو موجباً للنقص في ماليتها أو مخرجاً لها عن ملكه ، فيجوز له الانتفاع من الدابة بركوبها و من الكتاب بمطالعته و من الدار بسكناها بل يجوز له أن يسكن غيره
( 329 )
فيها و نحو ذلك ، و أما التصرف المتلف أو المنقص لماليتها كاستعمال ما تنقص قيمته بالاستعمال أو إيجار الدار على نحو تكون مسلوبة المنفعة على تقدير الحاجة إلى بيعها لاستيفاء الدين من ثمنها فغير جائز إلا بإذن المرتهن ، و كذلك التصرف الناقل فيها ببيع أو هبة أو نحوهما فإنه لا يجوز إلا بإذنه ، و إن وقع توقفت صحته على إجازته فإن أجاز بطل الرهن ، و لو أذن في بيعها على أن يجعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين فلم يفعل بطل البيع إلا أن يجيزه .