مسألة 139 : إذا فسخ المشتري المغبون و كان قد تصرف في المبيع تصرفاً غير مسقط لخياره لجهله بالغبن على ما تقدم ، فتصرفه أيضاً تارة لا يكون مغيراً للعين و أخرى يكون مغيراً لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج . و تأتي فيه الصور المتقدمة و تجري عليه أحكامها ، و هكذا لو فسخ المشتري المغبون و كان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ البائع المغبون و كان هو قد تصرف في الثمن تصرفا غير مسقط لخياره فإن حكم تلف العين و نقل المنفعة و نقص العين و زيادتها و مزجها بغيرها و حكم سائر الصور التي ذكرناها هناك جار هنا على نهج واحد . مسألة 140 : الظاهر اعتبار الفورية العرفية في خيار الغبن ، بمعنى عدم التأخير في الفسخ أزيد مما هو متعارف فيه حسب اختلاف الموارد ، فلو أخره لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ و عدمه و نحو ذلك فإن لم يعد عرفاً توانياً و مماطلة في أعمال الخيار لم يسقط خياره و إلا سقط ، و العبرة بالفورية من زمن حصول العلم بثبوت الغبن و ثبوت الخيار للمغبون فلو كان جاهلاً بالغبن أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلاً عنه أو ناسياً له جاز له الفسخ متى علم أو التفت مع مراعاة الفورية العرفية . مسألة 141 : إذا كان مغبوناً حين العقد بأن اشترى بأكثر من قيمة المثل أو باع بالأقل منها ثم ارتفع الغبن قبل أن يفسخ بأن نقصت القيمة أو زادت ففي بقاء خياره إشكال . مسألة 142 : الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة لا تبتني على السماح و اغتفار الزيادة و النقيصة كالإجارة و نحوها ، و أما غيرها كالصلح في موارد قطع النزاع و الخصومات فلا يثبت فيها خيار الغبن .
( 52 )
مسألة 143 : إذا باع أو اشترى شيئين بثمنين صفقة واحدة أي بشرط الاجتماع و كان مغبوناً في أحدهما دون الآخر لم يكن له التبعيض في الفسخ بل عليه أما فسخ البيع بالنسبة إلى الجميع أو الرضا به كذلك . مسألة 144 : إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي و كان قيمياً ففسخ المغبون رجع عليه بقيمة التالف ، و في كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الأداء وجوه أقواها الأول ، و لو كان التلف بإتلاف المغبون لم يرجع عليه بشيء ، و لو كان بإتلاف أجنبي ففي رجوع المغبون بعد الفسخ على الغابن أو على الأجنبي أو يتخير في الرجوع على أحدهما وجوه أقواها الأول ، و يرجع الغابن على الأجنبي ، و كذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف فإنه إن كان التلف بفعل الغابن لم يرجع على المغبون بشيء ، و إن كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون أو بفعل أجنبي رجع على المغبون بقيمة يوم التلف و رجع المغبون على الأجنبي إن كان هو المتلف و حكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين .
الخامس : خيار التأخير:
إطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كل من العوضين فعلياً فلو امتنع أحد الطرفين عنه أجبر عليه فإن لم يسلم كان للطرف الآخر فسخ العقد بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الإجبار أيضاً ، و لا يختصر هذا الخيار بالبيع بل يجري في كل معاوضة و يختص البيع بخيار و هو المسمى بخيار التأخير ، و يتحقق فيما إذا باع سلعة و لم يقبض الثمن و لم يسلم المبيع حتى يجيء المشتري بالثمن فإنه يلزم البيع ثلاثة أيام فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة و إلا فللبائع فسخ البيع ، و لو تلفت السلعة كانت من مال البائع سواء أ كان التلف في الثلاثة أم بعدها ، حال ثبوت الخيار و بعد سقوطه .
( 53 )
مسألة 145 : مورد هذا الحكم ما إذا أمهل البائع المشتري في تأخير تسليم الثمن من غير تعيين مدة الإمهال صريحاً أو ضمناً بمقتضى العرف و العادة ، و أما أن لم يمهله أصلاً فله حق فسخ العقد بمجرد تأخير المشتري في تسليم الثمن ، و إن أمهله مدة معينة أو اشترط المشتري عليه ذلك في ضمن العقد لم يكن له الفسخ خلالها سواء أ كانت أقل من ثلاثة أيام أم أزيد و يجوز له بعدها . مسألة 146 : إذا كان المبيع مما يتسرع إليه الفساد كبعض الخضر و البقول و الفواكه فالإمهال فيه محدود طبعاً بأقل من ثلاثة أيام فيثبت الخيار للبائع بمضي زمانه ، فإذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع كيف يشاء ، و يختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي . مسألة 147 : الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض ، و كذا قبض بعض المبيع . مسألة 148 : المراد بالثلاثة الأيام : الأيام البيض و تدخل فيها الليلتان المتوسطتان دون غيرهما و يجزي في اليوم الواحد أن يكون ملفقاً من يومين كما تقدم في مدة خيار الحيوان . مسألة 149 : لا إشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصياً ، و في ثبوته فيما إذا كان كلياً في الذمة قولان ، لا يخلو أولهما عن رجحان ، و إن كان الأحوط عدم الفسخ بعد الثلاثة إلا برضى الطرفين . مسألة 150 : يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الثلاثة ، و في سقوطه بإسقاطه قبلها ، و باشتراط سقوطه في ضمن العقد إشكال ، و الأظهر السقوط ، و الظاهر عدم سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع و لا بمطالبة البائع للمشتري بالثمن ، نعم الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري على المعاملة لا بعنوان العارية أو الوديعة ، و يكفي ظهور الفعل في
( 54 )
ذلك و لو بواسطة بعض القرائن . مسألة 151 : في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي قولان ، أقواهما الثاني .
السادس : خيار الرؤية :
و يتحقق فيما إذا اعتقد المشتري وجدان العين الغائبة حين البيع لبعض الأوصاف ـ أما لإخبار البائع أو اعتماداً على رؤية سابقة ـ ثم ينكشف أنها غير واجدة لها ، فإن للمشتري الخيار بين الفسخ و الإمضاء . مسألة 152 : لا فرق في الوصف الذي كون تخلفه موجباً للخيار بين وصف الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه و غيره إذا اتفق تعلق غرض للمشتري به ، سواء أ كان على خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد أمياً لا كاتباً و لا قارئاً أم كان مرغوباً فيه عند قوم و مرغوباً عنه عند قوم آخرين ، مثل اشتراط كون القماش أصفر لا أسود . مسألة 153 : الخيار هنا بين الفسخ و الرد وبين ترك الفسخ و إمساك العين مجاناً ، و ليس لذي الخيار المطالبة بالأرش لو ترك الفسخ ، كما أنه لا يسقط الخيار ببذل البائع الأرش و لا بإبدال العين بعين أخرى واجدة للوصف ، نعم لو كان للوصف المفقود دخل في الصحة توجه أخذ الأرش لكن لأجل العيب لا لأجل تخلف الوصف . مسألة 154 : كما يثبت خيار الرؤية للمشتري عند تخلف الوصف في المبيع كذلك يثبت للبائع عند تخلف الوصف في الثمن الغائب حين البيع ، بأن اعتقد وجدانه للوصف أما لإخبار المشتري أو اعتماداً على رؤية سابقة ثم ينكشف أنه غير واجد له فإن له الخيار بين الفسخ و الإمضاء ، و كذا يثبت الخيار للبائع الغائب حين البيع عند تخلف الوصف إذا باعه باعتقاد أنه على ما رآه سابقاً فتبين خلافه أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه .
( 55 )
مسألة 155 : الظاهر اعتبار الفورية العرفية في هذا الخيار . مسألة 156 : يسقط هذا الخيار بإسقاطه بعد الرؤية بل قبلها ، و بالتصرف بعد الرؤية إذا كان دالاً على الالتزام بالعقد و كذا قبل الرؤية إذا كان كذلك ، و في جواز اشتراط سقوطه في ضمن العقد وجهان ، أقواهما ذلك فيسقط به . مسألة 157 : مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية و لا يجري في بيع الكلي ، فلو باع كلياً موصوفاً و دفع إلى المشتري فرداً فاقداً للوصف لم يكن للمشتري الخيار و إنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف ، نعم لو كان المبيع كلياً في المعين كما لو باعه صاعاً من هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار .
السابع : خيار العيب .
وهو فيما لو اشترى شيئاً فوجد فيه عيباً فإن له الخيار بين الفسخ برد المعيب و إمضاء البيع ، فإن لم يمكن الرد جاز له الإمساك و المطالبة بالأرش ، و لا فرق في ذلك بين المشتري و البائع ، فلو وجد البائع عيباً في الثمن كان له الخيار المذكور . مسألة 158 : يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد ، بمعنى اختيار عدم الفسخ ، و منه التصرف في المعيب تصرفاً يدل على اختيار عدم الفسخ . مسألة 159 : تجوز المطالبة بالأرش دون الفسخ في موارد : الأول : تلف العين . الثاني : خروجها عن الملك ببيع أو هبة أو نحو ذلك . الثالث : التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين مثل تفصيل الثوب و صبغه و خياطته و نحوها . الرابع : التصرف الاعتباري إذا كان كذلك مثل إجارة العين و رهنها .
( 56 )
الخامس : حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع ففي جميع هذه الموارد ليس له فسخ العقد برده نعم يثبت له الأرش إن طالبه . نعم إذا كان حدوث عيب آخر في زمان خيار آخر للمشتري كخيار الحيوان مثلاً جاز رده . مسألة 160 : يسقط الأرش فيما لو كان العيب لا يوجب نقصاً في المالية كالخصاء في العبيد إذا اتفق تعلق غرض نوعي به بحيث صارت قيمة الخصي تساوي قيمة الفحل ، و إذا اشترى ربوياً بجنسه فظهر عيب في أحدهما ، قيل لا أرش حذراً من الربا ، و لا يخلو عن وجه فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك . مسألة 161 : يسقط الرد و الأرش بأمرين : الأول : العلم بالعيب قبل العقد . الثاني : تبرؤ البائع من العيوب بمعنى اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الأرش ، و لو تبرأ من عيب خاص فظهر فيه عيب آخر فللمشتري الفسخ به و إذا لم يتمكن من الرد أخذ الأرش على ما تقدم . مسألة 162 : الظاهر اعتبار الفورية العرفية في هذا الخيار أيضاً بمعنى عدم التأخير في الفسخ أزيد مما يتعارف فيه حسب اختلاف الموارد ، و لا يعتبر في نفوذه حضور من عليه الخيار . مسألة 163 : المراد من العيب ما كان على خلاف الجري الطبيعي أو الخلقة الأصلية سواء أ كان نقصاً مثل العور و العمى و الصمم و الخرس و العرج و نحوها أم زيادة مثل الإصبع الزائد و اليد الزائدة ، أما ما لم يكن على خلاف الجري الطبيعي و الخلقة الأصلية لكنه كان عيباً أيضاً في العرف مثل كون الأرض مورداً لنزول العساكر ففي كونه عيباً بحيث يثبت الأرش إشكال و إن كان الثبوت هو الأظهر . مسألة 164 : إذا كان العيب موجوداً في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل
( 57 )
الثيبوية في الكبيرة من الإماء ، فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه . مسألة 165 : لا يشترط في العيب أن يكون موجباً لنقص المالية ، بل ربما يوجب ازديادها كما إذا اشترى دابة فوجدها ذا رأسين فإنه قد يبذل بإزائها مال كثير من قبل بعض المهتمين بحفظ أمثالها من عجائب المخلوقات و لكنه على كل حال عيب يحق للمشتري أن يفسخ البيع به و إن لم يثبت الأرش . مسألة 166 : كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب الحادث بعده قبل القبض فيجوز رد العين به ، و في جواز أخذ الأرش به إذا لم يتمكن من الإرجاع قولان أظهرهما : الجواز إذا لم يكن العيب بفعل المشتري و إلا فلا خيار له . مسألة 167 : كيفية أخذ الأرش أن يقوم المبيع صحيحاً ثم يقوم معيباً و تلاحظ النسبة بينهما ثم ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة فإذا قوم صحيحاً بثمانية ومعيباً بأربعة و كان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف و هو اثنان و هكذا ، و يرجع في معرفة قيمة الصحيح و المعيب إلى أهل الخبرة و تعتبر فيهم الوثاقة . مسألة 168 : إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح و المعيب فإن اتفقت النسبة بين قيمتي الصحيح و المعيب على تقويم بعضهم مع النسبة بينهما على تقويم البعض الآخر فلا إشكال ، كما إذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بأربعة و بعضهم الصحيح بستة و المعيب بثلاثة فإن التفاوت على كل من التقويمين يكون بالنصف فيكون الأرش نصف الثمن ، و إذا اختلفت النسبة كما إذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية و المعيب بأربعة و بعضهم الصحيح بعشرة و المعيب بستة ففيه وجوه و أقوال ، و الصحيح منها ـ مع تقارب المقومين في الخبرة و الاطلاع ـ أن يؤخذ من القيمتين للصحيح ـ كما في المثال ـ النصف ، و من الثلاث الثلث ، و من الأربع الربع و هكذا في
( 58 )
المعيب ، ثم تلاحظ النسبة بين المأخوذ للصحيح و بين المأخوذ للمعيب و تؤخذ بتلك النسبة و هي في المثال 5 / 9 فيكون الأرش 4 / 9 من الثمن المسمى . مسألة 169 : إذا اشترى شيئين صفقة واحدة أي بشرط الاجتماع فظهر عيب في أحدهما كان له الخيار في رد المعيب وحده ، كما له الخيار في ردهما معاً، و لكن إذا اختار رد المعيب فقط كان للبائع الفسخ في الصحيح أيضاً . مسألة 170 : إذا اشترك شخصان في شراء شيء فوجداه معيباً جاز لأحدهما الفسخ في حصته و يثبت الخيار للبائع حينئذ على تقدير فسخه . مسألة 171 : لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري ففي بقاء الخيار إشكال .
تذنيب في بعض أحكام الشرط :
مسألة 172 : كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه بل يجب الوفاء بالشرط المجعول في العقد الجائز ما دام العقد باقياً ، فإذا باع فرساً بثمن معين و اشترط على المشتري أن يخيط له ثوبه استحق على المشتري الخياطة بالشرط ، فتجب عليه خياطة ثوب البائع ، و كذا لو أعاره كتاباً لمدة شهر مثلاً و اشترط عليه أن يقرأ الفاتحة لروح والده في كل يوم منه لزمه العمل بالشرط و قراءة الفاتحة في كل يوم ما لم يرجع العارية . و يشترط في وجوب الوفاء بالشرط أمور : منها : أن لا يكون مخالفاً للكتاب و السنة بأن لا يكون محللاً لحرام أو محرماً لحلال ، و المراد بالأول ما يشمل ارتكاب محرم كأن يشرب الخمر ، أو ترك واجب كأن يفطر في شهر رمضان ، أو الإخلال بشرط وجودي أو عدمي
( 59 )
في متعلقات الأحكام أو موضوعاتها كأن يأتي بالصلاة في أجزاء السباع أو ينكح نكاح الشغار أو يطلق زوجته طلاقاً بدعياً، و منه اشتراط وقوع أمر على نحو شرط النتيجة في مورد عدم جوازه كاشتراط أن يكون زوجته مطلقة أو أن لا يرث منه ورثته أو بعضهم و أمثال ذلك ، و المراد بالثاني تحريم ما حل عنه عقدة الحظر في الكتاب و السنة مما كان محظوراً في الشرائع السابقة أو العادات المنحرفة فيكون الشرط مقتضياً لإحياء ذلك الحكم المنسوخ كاشتراط عدم أكل البحيرة أو السائبة و نحوهما ، و بعبارة جامعة يعتبر في الشرط أن لا يكون هدماً لما بناه الإسلام تشريعاً و لا بناءً لما هدمه الإسلام كذلك . و منها : أن لا يكون منافياً لمقتضى العقد كما إذا باعه بشرط أن لا يكون له ثمن أو آجره الدار بشرط أن لا تكون لها أجرة . و منها : أن يكون مذكوراً في ضمن العقد صريحاً أو ضمناً كما إذا قامت القرينة على كون العقد مبنياً عليه و مقيداً به إما لذكره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفي مثل اشتراط التسليم حال استحقاق التسليم ، فلو ذكر قبل العقد و لم يكن العقد مبنياً عليه عمداً أو سهواً لم يجب الوفاء به . و منها : أن يكون متعلق الشرط محتمل الحصول عند العقد ، فلو كانا عالمين بعدم التمكن منه كأن كان عملاً ممتنعاً في حد ذاته أو لا يتمكن المشروط عليه من إنجازه بطل و لا يترتب على تخلفه الخيار ، و أما لو اعتقد التمكن منه ثم بان العجز عنه من أول الأمر أو تجدد العجز بعد العقد صح الشرط و ثبت الخيار للمشروط له ، و كذا الحال لو اعتقد المشروط عليه التمكن منه دون المشروط له ثم بان العجز ، و أما لو اعتقد المشروط عليه العجز و المشروط له التمكن ففي صحته و ترتب الأثر عليه إشكال . و منها : أن لا يكون متعلق الشرط أمراً مهملاً لا تحديد له في الواقع كاشتراط الخيار له مدة مهملة فإن في مثله يلغو الشرط و يصح البيع كما مر في
( 60 )
شرط الخيار ، و أما إذا كان متعلق الشرط متعيناً في الواقع و أن لم يكن معلوماً لدى الطرفين أو أحدهما فإن استتبع ذلك جهالة أحد العوضين كما لو باع كلياً في الذمة بشرط أن يكون واجداً للأوصاف المسجلة في القائمة الكذائية الغائبة حين البيع بطل البيع و الشرط معاً ، و إلا كما إذا باعه و اشترط أن يصلي عما فات من والده و لم يعينه و كان مردداً بين صلاة سنة و سنتين مثلاً ففي صحة كل من البيع و الشرط إشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في مثله . مسألة 173 : لا بأس بأن يبيع ماله و يشترط على المشتري بيعه منه ثانياً و لو بعد حين ، نعم لا يجوز ذلك فيما إذا باعه نسيئة و اشترط على المشتري أن يبيعه نقداً بأقل مما اشتراه ، أو يشترط المشتري على البائع بأن يشتريه نسيئة بأكثر مما باعه نقداً ، و البيع في هذين الفرضين محكوم بالبطلان . مسألة 174 : لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجزاً بل يجوز فيه التعليق كما إذا باع داره و شرط على المشتري أن يكون له السكنى فيها شهراً إذا لم يسافر ، أو باعه العين الشخصية بشرط أن تكون ذات صفة كذائية ، فإن مرجعه إلى اشتراط الخيار لنفسه على تقدير التخلف و لا إشكال فيه . مسألة 175 : الظاهر أن فساد الشرط لا يسري إلى العقد المشروط فيه ـ فيصح العقد و يلغو الشرط ـ إلا إذا أوجب فقدان بعض شرائطه كما مر . مسألة 176 : إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له إجباره عليه و لو باللجوء إلى الحاكم أياً كان ، و الظاهر أن خياره غير مشروط بتعذر إجباره على العمل بالشرط بل له الخيار عند مخالفته و عدم إتيانه بما اشترط عليه حتى مع التمكن من الإجبار . مسألة 177 : إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له الخيار في الفسخ و ليس له المطالبة بقيمة الشرط سواء كان عدم
( 61 )
التمكن لقصور فيه كما لو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه أو كان لفوات موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوب فتلف الثوب ، و في الجميع له الخيار لا غير .
( 62 )
الفصل الخامس
أحكام الخيار
مسألة 178 : الخيار حق من الحقوق فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه ، و يحرم منه من يحرم من أرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق ويحجب عنه ما يحجب عن أرث المال ، و لو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقاً بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة بالذكر الأكبر و الأرض التي لا ترث منها الزوجة ففي حرمان ذلك الوارث من أرث الخيار و عدمه أقوال ، أقربها عدم حرمانه ، و الخيار لجميع الورثة ، فلو باع الميت أرضاً و كان له الخيار أو كان قد اشترى أرضاً و كان له الخيار ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة . مسألة 179 : إذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع و لا في حصته إلا إذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته . مسألة 180 : إذا فسخ الورثة بيع مورثهم فإن كان عين الثمن موجوداً دفعوه إلى المشتري و إن كان تالفاً أو بحكمه أخرج من تركة الميت كسائر ديونه . مسألة 181 : لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات فإن كان المقصود من جعل الخيار له مباشرته للفسخ أو كونه بنظره لم ينتقل إلى وارثه ، و إن جعل مطلقاً انتقل إلى الوارث . مسألة 182 : إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع ، و كذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط إذا كان الخيار للمشتري ، أما إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالأظهر أنه من مال المشتري .
( 63 )
الفصل السادس
ما يدخل في المبيع
مسألة 183 : من باع شيئاً دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره ، و يعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعاً أو بالقرينة العامة أو الخاصة ، فمن باع بستاناً دخل فيه الأرض و الشجر و النخل و الطوف و البئر و الناعور و الحضيرة و نحوها مما هو من أجزائها أو توابعها ، أما من باع أرضاً فلا يدخل فيها الشجر و النخل الموجودان و كذا لا يدخل الحمل في بيع الأم و لا الثمرة في بيع الشجرة ، نعم إذا باع نخلاً فإن كان التمر مؤبراً فالتمر للبائع و إن لم يكن مؤبراً فهو للمشتري و يختص هذا الحكم ببيع النخل ، أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقاً و إن لم يكن مؤبراً ، هذا إذا لم تكن قرينة على دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة ، أما إذا قامت القرينة على ذلك ـ و إن كانت هي التعارف الخارجي ـ عمل عليها و كان جميع ذلك للمشتري . مسألة 184 : إذا باع الشجر و بقيت الثمرة للبائع مع اشتراط إبقائها أو ما في حكمه و احتاجت الثمرة إلى السقي يجوز للبائع أن يسقي الشجر و ليس للمشتري منعه ، و كذا إذا احتاج الشجر إلى السقي جاز للمشتري سقيه و ليس للبائع منعه ، و لو تضرر أحدهما بالسقي و الآخر بتركه و لم يكن بينهما شرط في ذلك فالأظهر عدم جواز السقي للثاني سواء أ كان هو البائع أم المشتري ، و إن كان الأحوط لهما التصالح و التراضي على تقديم أحدهما و لو بأن يتحمل ضرر الآخر . مسألة 185 : إذا باع بستانا و استثنى نخلة مثلا فله الممر إليها
( 64 )
و المخرج منها و مدى جرائدها و عروقها من الأرض و ليس للمشتري منع شيء من ذلك . مسألة 186 : إذا باع داراً دخل فيها الأرض و البناء الأعلى و الأسفل إلا أن يكون الأعلى مستقلاً من حيث المدخل و المخرج و المرافق و غير ذلك مما قد يكون أمارة على خروجه و استقلاله ، و كذا يدخل في بيع الدار السراديب و البئر و الأبواب و الأخشاب الداخلة في البناء و كذا السلم المثبت بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل و شجر و أسلاك كهربائية و أنابيب الماء و نحو ذلك مما يعد من توابع الدار حتى مفتاح الغلق فإن ذلك كله داخل في المبيع إلا مع الشرط . مسألة 187 : المعادن من الأنفال ـ أي أنها مملوكة للإمام ( عليه السلام ) ـ و إن لم تكن أرضها منها على الأظهر و لكن من استخرج شيئاً من المعادن المتكونة في جوف الأرض ملكه و عليه خمسة على تفصيل تقدم في كتاب الخمس ، و أما قبل الاستخراج فهي على ملك الإمام ( عليه السلام ) و لا تدخل في بيع الأرض ، كما لا تدخل في بيعها الأحجار المدفونة فيها و لا الكنوز القديمة أو الجديدة المودعة فيها و نحوها .
( 65 )
الفصل السابع
التسليم و القبض
مسألة 188 : يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير و لكن وجوب التسليم على كل منهما مشروط بعدم امتناع الآخر ، و لو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع و لو اشترط أحدهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز مطلقاً ، و ليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذ ، و لو اشترط كل منهما تأخير التسليم جاز ذلك في الأعيان الشخصية أو ما بحكمها من الكلي في المعين و لا يجوز في الكلي في الذمة لأنه يكون حينئذ من بيع الدين بالدين .