مسألة 673 : إذا حصل تلف أو خسارة فادعى المالك القرض ليحق له المطالبة بالعوض وادعى العامل المضاربة ليدفع التلف والخسارة عن نفسه قدم قول العامل بيمينه ويكون التلف والخسارة على المالك. مسألة 674 : إذا حصل ربح بما يزيد حصة العامل منه على أجرة مثل عمله فادعى المالك المضاربة الفاسدة لئلا يكون عليه غير أجرة المثل ويكون الربح له بتمامه، وادعى العامل الفرض ليكون له الربح فالقول قول المالك بيمينه وبعده يحكم بكون الربح للمالك وثبوت أجرة المثل للعامل. مسألة 675 : إذا ادعى المالك أنه أعطاه المال بعنوان البضاعة ـ وهي دفع المال إلى الغير للتجارة مع كون تمام الربح للمالك ـ فلا يستحق العامل شيئا عليه، وادعى العامل المضاربة لتكون له حصة من الربح قدم قول المالك بيمينه فيحلف على نفي المضاربة فلا يكون للعامل شيء ويكون تمام الربح ـ لو كان ـ للمالك، ولو لم يكن ربح أصلاً فلا ثمرة في هذا النزاع.
( 209 )
مسألة 676 : تقديم قول المالك أو العامل بيمينه في الموارد المتقدمة إنما هو فيما إذا لم يكن مخالفاً للظاهر وإلا قدم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك، مثلا واختلفا في رأس المال فادعى العامل كونه بمقدار ضئيل لا يناسب جعله رأس مال في التجارة المقررة في المضاربة وادعى المالك الزيادة عليه بالمقدار المناسب قدم قول المالك بيمينه، وكذا لو اختلفا في مقدار نصيب العامل من الربح فادعى المالك قلته بمقدار لا يجعل عادة لعامل المضاربة كواحد في الألف وادعى العامل الزيادة عليه بالمقدار المتعارف قدم قول العامل بيمينه، وهكذا في سائر الموارد. مسألة 677 : إذا أخذ العامل رأس المال ليس له ترك الإتجار به وتعطيله عنده بمقدار لم تجر العادة على تعطيله وعد متوانياً متسامحاً كالتأخير بضعة أشهر مثلاً، فإن عطله كذلك ضمنه لو تلف لكن لم يستحق المالك عليه غير أصل المال، وليس له مطالبته بالربح الذي كان يحصل على تقدير الإتجار به. مسألة 678 : يجوز إيقاع الجعالة على الإتجار بمال وجعل الجعل حصة من الربح، بأن يقول صاحب المال مثلاً إذا اتجرت بهذا المال وحصل ربح فلك نصفه أو ثلثه، فتكون جعالة تفيد فائدة المضاربة، لكن لا يشترط فيها ما يشترط في المضاربة فلا يعتبر كون رأس المال من النقدين أو ما بحكمهما بل يجوز أن يكون ديناً أو منفعة. مسألة 679 : يجوز للأب والجد المضاربة بمال الصغير مع عدم المفسدة، وكذا القيم الشرعي كالوصي والحاكم الشرعي مع الأمن من الهلاك وملاحظة الغبطة والمصلحة، بل يجوز للوصي على ثلث الميت أن يدفعه إلى الغير بالمضاربة وصرف حصة الميت من الربح في المصارف المعينة للثلث إذا أوص به الميت، بل وإن لم توص به لكن فوض أمر الثلث
( 210 )
بنظر الوصي فرأى الصلاح في ذلك. مسألة 680 : إذا مات العامل وكان عنده مال المضاربة فإن علم بوجوده فيما تركه بعينه فلا إشكال، وإن علم بوجوده فيه من غير تعيين ـ بأن كان ما تركه مشتملاً على مال نفسه ومال المضاربة أو كان عنده أيضاً ودائع أو بضائع لأناس آخرين واشتبه أعيانها بعضها مع بعض يعمل بما هو العلاج في نظائره من اشتباه أموال ملاك متعددين بعضها مع بعض، وهل هو بإيقاع المصالحة أو بإعمال القرعة أو بإيقاع الأولى فإن لم يتيسر فبإعمال الثانية ؟ وجوه أظهرها الأخير. نعم لو علم المال جنساً وقدراً وقد امتزج بمال العامل على نحو تحصل به الشركة يكون المجموع مشتركاً بين رب المال وورثة الميت فيقاسمانه بالنسبة. مسألة 681 : إذا مات العامل وعلم بعدم بقاء مال المضاربة في تركته واحتمل أنه قد رده إلى مالكه أو تلف بتقصير منه أو بغيره فالظاهر أنه لا يحكم على الميت بالضمان ويكون الجميع لورثته بلا تعلق حق للمالك بها، وكذا لو احتمل بقاؤه فيها على الأظهر.
( 211 )
كتاب الوديعة
( 212 )
( 213 )
الوديعة هي : ( جعل صيانة عين وحفظها على عهدة الغير ) ويقال للجاعل ( المودع ) ولذلك الغير ( الودعي ) و( المستودع ). مسألة 682 : تحصل الوديعة بإيجاب من المودع بلفظ أو فعل مفهم لمعناها ـ ولو بحسب القرائن ـ وبقبول من الودعي دال على التزامه بالحفظ والصيانة. مسألة 683 : إذا طلب شخص من آخر أن يكون ماله وديعة لديه فلم يوافق على ذلك ولم يتسلمه منه ومع ذلك تركه المالك عنده ومضى فتلف المال لم يكن ضامناً، وإن كان الأولى أن يحفظه بقدر الإمكان. مسألة 684 : من لا يتمكن من حفظ الوديعة لا يجوز له قبولها على الأقوى، ولو تسلمها كان ضامناً، نعم مع علم المودع بحاله يجوز له القبول ولا ضمان عليه. مسألة 685 : الوديعة جائزة من الطرفين وإن كانت مؤجلة فيجوز لكل منهما فسخها متى شاء، نعم مع اشتراط عدم فسخها إلى أجل معين ـ بمعنى التزام المشروط عليه بأن لا يفسخها إلى حينه ـ يصح الشرط ويجب عليه العمل به سواء جعل ذلك شرطا في ضمن نفس عقد الوديعة أو في ضمن عقد خارج لازم ولكن مع ذلك ينفسخ بفسخه وإن كان آثماً. مسألة 686 : لو فسخ الودعي الوديعة وجب عليه أن يوصل المال فوراً إلى صاحبه أو وكيله أو وليه أو يخبره بذلك، وإذا لم يفعل من دون عذر شرعي وتلف فهو ضامن. مسألة 687 : يعتبر في المودع والودعي : البلوغ والعقل والاختيار
( 214 )
والقصد فلا يجوز استقلال الصبي بإيداع ماله عند آخر وإن كان مميزا وإذن وليه في ذلك، كما لا يصح استيداعه مطلقاً، نعم يجوز أن يودع الطفل المميز مال غيره بإذنه كما مر نظيره في البيع، ويعتبر في المودع أيضاً أن لا يكون سفيهاً ولا محجوراً عليه لفلس إلا إذا لم تكن الوديعة من أمواله التي حجر عليها، كما يعتبر في الودعي أن لا يكون محجوراً عليه في ماله لسفه أو فلس إذا كانت صيانة الوديعة وحفظها تتوقف على التصرفات الناقلة أو المستهلكة فيه. مسألة 688 : لا يجوز تسلم ما يودعه الصبي من أمواله ومن أموال غيره بدون إذن مالكه، فإن تسلمه الودعي ضمنه ووجب رد مال الطفل إلى وليه، ورد مال الغير إلى مالكه، نعم لو خيف على ما في يد الطفل من التلف والهلاك جاز أخذه منه حسبة ووجب رده إلى الولي أو المالك ولا يضمنه الآخذ حينئذ من دون تعد أو تفريط. مسألة 689 : إذا أودع عند الصبي أو المجنون مالا لم يضمناه بالتلف، بل ولا بالإتلاف إذا لم يكونا مميزين، وإلا ضمناه بالإتلاف ولا يضمنانه بمجرد القبض، وفي ضمانهما بالتفريط والإهمال إشكال والأظهر عدم الضمان. مسألة 690 : يجب على الودعي حفظ الوديعة بما جرت العادة بحفظها به ووضعها في الحرز الذي يناسبها كالصندوق المقفل للثوب والدراهم والحلي ونحوها والاصطبل المضبوط بالغلق للدابة، وبالجملة حفظها في محل لا يعد معه عند العرف مضيعاً ومفرطاً وخائناً، حتى فيما إذا علم المودع بعدم وجود حرز مناسب لها عند الودعي فيجب عليه بعدما قبل الاستيداع تحصيله مقدمة للحفظ الواجب عليه، وكذا يجب عليه القيام بجميع ما له دخل في صونها من التعيب والتلف كالثوب ينشره في الصيف
( 215 )
إذا كان من الصوف أو الإبريسم والدابة يعلفها ويسقيها ويقيها من الحر والبرد فلو أهمل وقصر في ذلك ضمنها. مسألة 691 : إذا عين المودع لحفظ ماله محلاً وقال للودعي : ( احفظه هنا ولا تنقله إلى محل آخر وإن احتملت تلفه فيه ) لم يكن له حينئذ أن ينقله إلى محل آخر ولو فعل وتلف ضمن، نعم إذا علم بأن بقاءه في ذلك المحل يؤدي إلى تلفه وهلاكه جاز له نقله منه إلى مكان يؤمن عليه من ذلك. مسألة 692 : إذا عين المودع للوديعة محلاً معيناً وكان ظاهر كلامه ـ ولو بحسب القرائن ـ أنه لا خصوصية لذلك المحل عنده وإنما كان تعيينه نظراً إلى أنه أحد موارد حفظه فللودعي أن يضعه في محل آخر أحفظ من المحل الأول أو مثله، ولو تلف المال ـ حينئذ ـ لم يضمن. مسألة 693 : لو تلفت الوديعة في يد الودعي من دون تعدٍّ منه ولا تفريط لم يضمنها وكذا لو أخذها منه ظالم قهراً سواء انتزعها من يده أو أمره بدفعها إليه بنفسه فدفعها كرهاً، نعم لو سبب إلى استيلائه عليها ضمنها بل يضمنها بمجرد الأخبار بوجودها عنده أو إظهارها للغير في محل يكون بذلك في معرض اطلاع الظالم واستيلائه عليها ما لم يرتفع خطره عنها. مسألة 694 : لو تمكن من دفع الظالم بالوسائل المشروعة الموجبة لسلامة الوديعة وجب حتى أنه لو توقف دفعه عنها على إنكارها كاذباً بل الحلف على ذلك جاز بل وجب فإن لم يفعل ضمن، وفي وجوب التورية عليه مع التفاته إليها وتيسرها له إشكال وإن كان هو الأحوط لزوماً. مسألة 695 : إذا كانت مدافعته الظالم مؤدية إلى الضرر على بدنه من جرح وغيره او هتك في عرضه أو خسارة في ماله لا يجب تحمله، بل لا يجوز في بعض مراتبها، نعم لو كان ما يترتب عليها يسيراً جداً بحيث يتحمله غالب الناس ـ كما إذا تكلم معه بكلام خشن لا يكون هاتكاً له بالنظر إلى
( 216 )
شرفه ورفعة قدره وإن تأذى منه بالطبع ـ فالظاهر وجوب تحمله. مسألة 696 : لو توقف دفع الظالم عن الوديعة على بذل مال له أو لغيره، فإن كان يندفع بدفع بعضها وجب، فلو أهمل فأخذ الظالم كلها ضمن المقدار الزائد على ما يندفع به منها لإتمامها، فلو كان يندفع بدفع نصفها فأهمل فأخذ تمامها ضمن النصف، ولو كان يقنع بالثلث فأهمل فأخذ الكل ضمن الثلثين وهكذا، وكذا الحال فيما إذا كان عنده من شخص وديعتان وكان الظالم يندفع بدفع إحداهما فأهمل حتى أخذ كلتيهما، فإن كان يندفع بإحداهما المعين ضمن الأخرى، وإن كان بإحداهما لا بعينها ضمن أكثرهما قيمة، ولو توقف دفعه على المصانعة معه بدفع مال من الودعي لم يجب عليه دفعة تبرعاً ومجاناً، وأما مع الرجوع به على المالك فإن أمكن الاستئذان منه أو ممن يقوم مقامه كالحاكم عند عدم الوصول إليه لزم، فإن دفع بلا استئذان لم يستحق الرجوع به عليه وإن كان من قصده ذلك، وإن لم يمكن الاستئذان فإن كان يعد عرفاً مقصراً في حفظ الوديعة لو لم يدفع المال لأجله وجب عليه دفعه ويجوز له الرجوع به على المالك إذا كان من قصده الرجوع عليه. مسألة 697 : لو كانت الوديعة دابة يجب عليه سقيها وعلفها بالمقدار المتعارف ولو لم يأمره المالك بذلك بل ولو نهاه عنه إذا كان تركه مؤدياً إلى تلفها، ولا يجب إن يكون ذلك بمباشرته، وإن يكون ذلك في موضعها، فيجوز أن يسقيها بخادمه مثلاً، وكذا يجوز إخراجها من منزله للسقي وإن أمكن سقيها في موضعها بعد جريان العادة بذلك، نعم لو كان الطريق مخوفاً لم يجز إخراجها، كما أنه لا يجوز أن يولي غيره لذلك إذا كان غير مأمون إلا مع مصاحبته أو مصاحبة أمين معه، وبالجملة لابد من مراعات حفظها على المعتاد بحيث لا يعد معها عرفاً مفرطاً ومتعدياً. هذا بالنسبة إلى أصل سقيها وعلفها، وأما بالنسبة إلى نفقتها فإن
( 217 )
وضع المالك عنده عينها أو قيمتها أو إذن له ـ ولو ضمناً ـ في الإنفاق عليها من ماله على ذمته فلا إشكال، وإلا فالواجب أولا الاستئذان من المالك أو وكيله، فإن تعذر رفع الأمر إلى الحاكم ليأمره بما يراه صلاحاً ولو ببيع بعضها للنفقة، فإن تعذر الحاكم أنفق هو من ماله ويجوز له الرجوع به على المالك مع نيته. مسألة 698 : لو جن المالك المودع جنونا إطباقياً أو أغمي عليه كذلك بطلت الوديعة ووجب على الودعي أن يوصل المال إلى وليه فوراً أو إخبار الولي به، ولو تركه من غير عذر شرعي وتلف ضمن، وأما لو كان جنونه أو إغماؤه أدوارياً ففي بطلان الوديعة به إشكال. مسألة 699 : إذا مات المالك المودع بطلت الوديعة، فإن انتقل المال إلى وارثه من دون أن يكون متعلقاً لحق الغير وجب على الودعي إيصاله إلى الوارث أو وليه أو إعلامه بذلك ـ بخلاف ما إذا لم ينتقل إليه أصلاً كما لو أوصى بصرفه في الخيرات وكانت وصيته نافذة أو انتقل متعلقاً لحق الغير كأن يكون عيناً مرهونة اتفق الراهن والمرتهن على إيداعها عند ثالث ـ فإن أهمل لا لعذر شرعي ضمن، ومن العذر عدم علمه بكون من يدعي الإرث وارثاً أو انحصار الوارث فيه، فإن في مثل ذلك يجوز له التأخير في رد المال لأجل التروي والفحص عن حقيقة الحال ولا يكون عليه ضمان مع عدم التعدي والتفريط. مسألة 700 : لو مات المودع وتعدد مستحق المال وجب على الودعي أن يدفعه إلى جميعهم أو إلى وكيلهم في قبضه، فلو دفع تمام الوديعة إلى أحدهم من دون إجازة الباقين ضمن سهامهم. مسألة 701 : لو مات الودعي أو جن جنوناً مطبقاً أو أغمي عليه كذلك بطلت ووجب على من بيده المال إعلام المودع به أو إيصاله إليه فوراً، وأما
( 218 )
لو كان جنونه أو إغماؤه أدوارياً ففي بطلان الوديعة به إشكال. مسألة 702 : يجب رد الوديعة عند المطالبة في أول وقت الإمكان وإن كان المودع كافراً محترم المال، بل وإن كان حربياً مباح المال فإنه يحرم خيانته ولا يصح تملك وديعته ولا بيعها على الأحوط، والذي هو الواجب عليه رفع يده عنها والتخلية بين المالك وبينها لا نقلها إلى المالك، فلو كانت في صندوق مقفل أو بيت مغلق ففتحهما عليه فقال هاهي وديعتك خذها فقد أدى ما هو تكليفه وخرج عن عهدته، كما أن الواجب عليه مع الإمكان الفورية العرفية، فلا يجب عليه الركض ونحوه والخروج من الحمام فوراً وقطع الطعام والصلاة وإن كانت نافلة ونحو ذلك، وهل يجوز له التأخير ليشهد عليه ؟ قولان أقواهما ذلك إذا كان في معرض المطالبة بها بعد ذلك سواء أ كان الإيداع مع الإشهاد أم لا، هذا إذا لم يرخص المودع في التأخير وعدم الإسراع والتعجيل، وإلا فلا إشكال في عدم وجوب المبادرة. مسألة 703 : لو أودع اللص ما سرقه عند أحد لا يجوز له رده عليه مع الإمكان، بل يكون أمانة شرعية في يده، فيجب عليه إيصاله إلى صاحبه أو إعلامه به إن عرفه وإلا عرف به، فإن يأس من الوصول إليه تصدق به عنه، والأحوط أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي، ولو صادف فوجد المالك ولم يرض بالتصدق ضمنه له على الأحوط. مسألة 704 : كما يجب رد الوديعة عند مطالبة المالك يجب ردها إذا خاف عليها من تلف أو سرق أو عيب ونحو ذلك، فإن أمكن إيصالها إلى المالك أو وكيله الخاص أو العام أو إعلامه بذلك تعين، وإلا فليوصلها إلى الحاكم الشرعي أو يعلمه بالحال لو كان قادرا على حفظها، ولو فقد الحاكم أو لم يكن متمكناً من حفظها بسبب من الأسباب أودعها ـ مع الاستئذان من الحاكم على تقدير وجوده ـ عند ثقة أمين متمكن من حفظها.
( 219 )
مسألة 705 : إذا أحس الودعي بأمارات الموت في نفسه ولم يكن وكيلاً في تسليمها إلى غيره فإن أمكنه إيصالها إلى صاحبها أو وكيله أو وليه أو إعلامه بذلك تعين عليه ذلك على الأحوط، وإن لم يمكنه لزمه الاستيثاق من وصولها إلى صاحبها بعد وفاته ولو بالإيصاء بها والاستشهاد على ذلك وإعلام الوصي والشاهد باسم صاحب الوديعة وخصوصياته ومحله. مسألة 706 : يجوز للودعي أن يسافر ويبقي الوديعة في حرزها عند أهله وعياله إذا لم يتوقف حفظها على حضوره، وإلا فإن لم يكن السفر ضرورياً لزمه أما الإقامة وترك السفر، وأما إيصالها إلى مالكها أو وكيله أو وليه أو إعلامه بالحال، وإن لم يمكنه الإيصال ولا الإعلام تعين عليه الإقامة وترك السفر، ولا يجوز له أن يسافر بها ولو مع أمن الطريق ولا إيداعها عند الأمين. و أما لو كان السفر ضرورياً فإن تعذر إيصالها إلى المالك أو وكيله أو وليه أو إعلامه بالحال فالظاهر أنه يتخير بين أن يسافر بها مع أمن الطريق أو إيداعها عند أمين، ولو سافر بها حافظ عليها بقدر الإمكان ولا ضمان عليه لو تلفت، نعم في الأسفار الخطرة اللازم أن يعامل فيه معاملة من ظهر له أمارات الموت وقد تقدم آنفا. هذا كله فيما إذا لم يكن مأذوناً في السفر بها أو تسليمها إلى غيره عند طرو السفر له وإلا فلا إشكال في أن له ذلك. مسألة 707 : المستودع أمين ليس عليه ضمان لو تلفت الوديعة أو تعيبت بيده إلا عند التفريط أو التعدي كما هو الحال في كل أمين، أما التفريط فهو الإهمال في محافظتها وترك ما يوجب حفظها على مجرى العادات بحيث يعد معه عند العرف مضيعاً ومسامحاً، كما إذا طرحها في محل ليس بحرز وذهب عنها غير مراقب لها، أو ترك سقي الدابة وعلفها على
( 220 )
النحو المتعارف أو ترك إيداعها أو السفر بها مع توقف حفظها على ذلك، أو ترك نشر ثوب الصوف أو الإبريسم في الصيف وما يقوم مقامه في حفظه، أو ترك التحفظ من الندى فيما تفسده النداوة كالكتب وبعض الأقمشة وغير ذلك. و أما التعدي فهو أن يتصرف فيها بما لم يأذن له المالك، مثل أن يلبس الثوب أو يفرش الفراش أو يركب الدابة إذا لم يتوقف حفظها على التصرف، كما إذا توقف حفظ الثوب والفراش من الدود على اللبس والافتراش، أو يصدر منه بالنسبة إليها ما ينافي الأمانة وتكون يده عليها على وجه الخيانة، كما إذا جحدها لا لمصلحة الوديعة ولا لعذر من نسيان ونحوه، وقد يجتمع التفريط مع التعدي، كما إذا طرح الثوب أو القماش أو الكتب ونحوها في موضع يعفنها أو يفسدها، ولعل من ذلك ما إذا أودعه دراهم مثلاً في كيس مختوم أو مخيط أو مشدود فكسر ختمه أو حل خيطه وشده من دون ضرورة ومصلحة، ومن التعدي خلط الوديعة بماله، سواء أ كان بالجنس أم بغيره، وسواء أ كان بالمساوي أم بالأجود أم بالأردأ، ومنه أيضا مالو خلطه بالجنس أم بغيره، وسواء أ كان بالمساوي أم بالأجود أم بالأردأ، ومنه أيضاً ما لو خلطه بالجنس من مال المودع من دون مبرر ومن غير أن يكون مأذوناً في ذلك كما إذا أودع عنده دراهم في كيسين غير مختومين ولا مشدودين فجعلهما كيساً واحداً. مسألة 708 : معنى كونها مضمونة بالتفريط والتعدي كون بدلها عليه لو تلفت ولو لم يكن تلفها مستندا إلى تفريطه وتعديه، وبعبارة أخرى تتبدل يده الأمانية غير الضمانية إلى الخيانية الضمانية. مسألة 709 : لو نوى التصرف في الوديعة ولم يتصرف فيها لم يضمن بمجرد النية، نعم لو نوى الغصبية بأن قصد الاستيلاء عليها والتغلب على مالكها كسائر الغاصبين ضمنها لصيرورة يده يد عدوان بعدما كانت يد استئمان، ولو رجع عن قصده فلا يبعد زوال الضمان، وأما لو جحد الوديعة
( 221 )
أو طلبت منه فامتنع من الرد مع التمكن عقلاً وشرعاً ضمنها بمجرد ذلك ولم يبرأ من الضمان لو عدل عن جحوده أو امتناعه. مسألة 710 : لو كانت الوديعة في كيس مختوم أو ما بحكمه ففتحه وأخذ بعضها ضمن الجميع ، بل المتجه الضمان بمجرد الفتح كما سبق، وأما لو لم تكن كذلك فأخذ بعضها فإن كان من قصده الاقتصار عليه فالظاهر قصر الضمان على المأخوذ دون ما بقي، وأما لو كان من قصده عدم الاقتصار بل أخذ التمام شيئاً فشيئاً فلا يبعد أن يكون ضامناً للجميع. مسألة 711 : لو أودعه كيسين فتصرف في أحدهما ضمنه دون الآخر. مسألة 712 : إذا كان التصرف لا يوجب صدق الخيانة كما إذا كتب على الكيس بيتاً من الشعر أو نقش عليه نقشاً أو نحو ذلك فإنه لا يوجب ضمان الوديعة وإن كان التصرف حراماً لكونه غير مأذون فيه. مسألة 713 : لو سلم الوديعة إلى زوجته أو ولده أو خادمه ليحرزوها ضمن إلا أن يكونوا كآلاته لكون ذلك بمحضره وباطلاعه ومشاهدته. مسألة 714 : إذا فرط في الوديعة ثم رجع عن تفريطه بإن جعلها في الحرز المضبوط وقام بما يوجب حفظها، أو تعدى ثم رجع كما إذا لبس الثوب ثم نزعه فهل يبقى الضمان أو لا ؟ وجهان أوجههما العدم. مسألة 715 : لو ادعى الودعي تلف الوديعة فإن كان مأموناً عند المودع لم يطالبه بشيء وإلا جاز له رفع أمره إلى الحاكم الشرعي، ويكون القول قوله ـ أي الودعي ـ بيمينه بشرط أن لا يكون مخالفاً لظاهر الحال، كما لو كانت بين أمواله فادعى تلفها بحريق أصابها وحدها دون غيرها. مسألة 716 : لو اتفقا على تلف الوديعة ولكن اختلفا في التفريط أو التعدي أو في قيمة العين ـ ولو لأجل الاختلاف في خصوصياتها ـ كان القول قول الودعي بيمينه بالشرط المتقدم.
( 222 )
مسألة 717 : لو اختلفا في الرد فالأظهر أن القول قول المالك مع يمينه بالشرط المتقدم، وكذلك الحال لو اختلفا في أنها دين أو وديعة مع التلف. مسألة 718 : لو دفعها إلى غير المالك وادعى الإذن من المالك فأنكر المالك ولا بينة فالقول قول المالك بيمينه بالشرط المتقدم، وكذا لو صدقه على الإذن ولكن أنكر التسليم إلى من إذن له. مسألة 719 : إذا أنكر الوديعة ثم أقر بها ـ عند إقامة المالك البينة عليها أو بدون ذلك ـ ولكنه ادعى تلفها لم تقبل دعواه بيمينه، فإن ادعى أنها تلفت قبل إنكاره من غير تعدٍ ولا تفريط وكذبه المالك كلف الودعي بإقامة البينة على دعواه فإن أقامها فهو، وإلا توجه الحلف على المالك فإذا حلف كلف الودعي بتسليم العين ما لم يتبين تلفها، وأما لو ادعى تلفها بعد الإنكار فللمالك أن يأخذ منه بدلها وله يطالبه بالعين وحينئذٍ فإن أقام البينة على تلفها حكم بضمانه بدلها وإلا توجه الحلف على المالك فإن حلف كلف الودعي بتسليم العين ما لم يتبين تلفها كما تقدم في الصورة الأولى. مسألة 720 : إذا أقر بالوديعة ثم مات فإن عينها في عين شخصية معينة موجودة حال موته أخرجت من التركة، وكذا إذا عينها في ضمن مصاديق من جنس واحد موجودة حال الموت، كما إذا قال إحدى هذه الشياه وديعة عندي من فلان ولم يعينها فعلى الورثة إذا احتملوا صدق المورث ولم يميزوا الوديعة عن غيرها إن يعاملوا معها معاملة ما إذا علموا إجمالاً بإن إحدى هذه الشياه لفلان، وإذا عين الوديعة ولم يعين المالك كانت من مجهول المالك فيترتب عليها حكمه وسيأتي في كتاب اللقطة. و هل يعتبر قول المودع ويجب تصديقه لو عينها في معين واحتمل صدقه ؟ وجهان أظهرهما العدم.
( 223 )
و إذا لم يعينها بأحد الوجهين المذكورين بحيث لم يظهر من كلامه وجودها في ضمن تركته ولم يعلم الورثة بذلك فلا اعتبار بقوله حتى إذا ذكر الجنس ولم يوجد من ذلك الجنس في تركته إلا واحد، إلا إذا علم أن مراده ذلك الواحد. مسألة 721 : الأمانة على قسمين مالكية وشرعية : أما الأول : فهو ما كان باستيمان من المالك وإذنه، سواء كان عنوان عمله ممحضاً في الحفظ والصيانة كالوديعة أو بتبع عنوان آخر مقصود بالذات كما في الرهن والعارية والإجارة والمضاربة، فإن العين بيد المرتهن والمستعير والمستأجر والعامل أمانة مالكية، حيث أن المالك قد استأمنهم عليها وتركها بيدهم من دون مراقبة فجعل حفظها على عهدتهم. و أما الثاني : فهو ما لم يكن الاستيلاء فيه على العين ووضع اليد عليها باستيمان من المالك ولا إذن منه وقد صارت تحت يده لا على وجه العدوان، بل أما قهراً كما إذا أطارتها الريح أو جاء بها السيل مثلاً فصارت في يده، وأما بتسليم المالك لها بدون اطلاع منهما، كما إذا اشترى صندوقاً فوجد فيه المشتري شيئاً من مال البائع بدون اطلاعه، أو تسلم البائع أو المشتري زائداً على حقهما من جهة الغلط في الحساب، وأما برخصة من الشرع كاللقطة والضالة وما ينتزع من يد السارق أو الغاصب من مال الغير حسبة للإيصال إلى صاحبه، وكذا ما يؤخذ من الصبي أو المجنون من مالهما عند خوف التلف في أيديهما حسبة للحفظ، وما يؤخذ مما كان في معرض الهلاك والتلف من الأموال المحترمة، كحيوان معلوم المالك في مسبعة أو مسيل ونحو ذلك، فإن العين في جميع هذه الموارد تكون تحت يد المستولي عليها أمانة شرعية يجب عليه حفظها، فإن كان يعرف صاحبها لزمه إيصالها إليه في أول أزمنة الإمكان ولو مع عدم المطالبة.
( 224 )
و يحتمل عدم وجوب الإيصال وكفاية إعلامه بكونها عنده وتحت يده والتخلية بينها وبينه بحيث كلما أراد أن يأخذها أخذها، بل هذا هو الأقوى. وأما لو كان صاحبها مجهولاً كما في اللقطة والضالة وغيرهما من مجهول المالك فيجب فيها التعريف والفحص عن المالك على تفصيل يأتي في كتاب اللقطة. و لو كانت العين أمانة مالكية سواء بعنوان الوديعة أو بعنوان آخر فارتفع ذلك العنوان مع بقاء العين في يده من دون طرو عنوان العدوان عليها، فإن كان البقاء من لوازم ذلك العنوان أو كان برضا المالك فالأمانة مالكية وإن كان مستنداً إلى عجزه من الرد إلى مالكه أو من بحكمه فالأمانة شرعية.
كتاب العارية
( 226 )
( 227 )
العارية هي : ( تسليط الشخص غيره على عين ليستفيد من منافعها مجاناً ). مسألة 722 : تحصل العارية بالإيجاب من المعير والقبول من المستعير، ولكن لا يعتبر أن يكونا لفظيين فلو دفع ثوبه لشخص بقصد الإعارة وقصد الآخذ بأخذه الاستعارة صحت العارية.